وَقَدْ يَلِيَهَا: قد هنا للتقليل.
يَلِيَهَا: فيه ضميران: ضمير مستتر، وضمير بارز. الضمير المستتر يعود على ماذا؟ على رضي، والضمير البارز يعود على لام الابتداء، الضمير البارز يعود على لام الابتداء، والضمير المستتر يعود على رضي، كأنه قال: وقد يلي رضي لام الابتداء مع قد، مع (قد) قصد لفظه، و (مع) هذا: حال من فاعل يلي.
كَإنّ ذَا ... لَقَد سمَا عَلَى الْعِدَا مُسْتَحْوِذَا
كَإنّ: يعني: كقولك، الكاف داخلة على مقول محذوف.
إنّ ذَا: اسم إشارة.
لَقَد سمَا: اللام هذه لام الابتداء، هي لام التأكيد دخلت على سما، بشرط: أن يسبق بـ (قد)، وحينئذٍ لما كان سما في أصله كرضيا حينئذٍ لا يصح أن يقال: كإن ذا لَسَمَا، لَسَمَا لا يصح، لكن لما سبق بـ (قد) حينئذٍ جاز دخول اللام على (قد) لا عليه هو، لماذا؟ قالوا: لأن (قد) تقرب الماضي من الحال، لأن دخول اللام على الفعل المضارع جائز، والأصل في الفعل المضارع أنه يدل على الحال، بل هو معناه -زمنه الحقيقي، والاستقبال نقول: هذا مجاز، هذا الصحيح، وإن كان الجمهور على أنه حقيقة في الحال والاستقبال، لكن نقول: عندهم أنه لا يتعين الاستقبال إلا بقرينة؛ السين وسوف ولن ولام الابتداء ونحو ذلك. وما احتاج إلى قرينة فرع عما لا يحتاج إلى قرينة، وهذا شأن المجاز، وحينئذٍ نقول: الفعل المضارع حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال، وهذا هو الصحيح وإن كان خلاف الجمهور، والسيوطي في جمع الجوامع رجح هذا القول.
إذاً: (قد) تقرب الماضي من الحال فأشبه حينئذٍ المضارع، لما دخلت (قد) على الماضي المتصرف كأنها قربته إلى الفعل المضارع والفعل المضارع يجوز أن يكون مدخولاً للام الابتداء، ولذلك: قام زيد وقد قام زيد، هل هما بمعنىً واحد؟ قام زيد، قد قام زيد؛ ليس بمعنىً واحد، قام زيد هذا قبل سنة، سنتين، عشر، يحتمل، فهو مطلق الزمن الماضي. لكن: قد قام زيد يعني في الزمن الماضي القريب، ما تقول: قبل سنة قد نجحت، لا، قد نجحت يعني قريب طلعت النتيجة، وأما: نجحت، يعني في الزمن الماضي البعيد، وإذا أدخلت عليه (قد) حينئذٍ الزمن الماضي القريب، فرق بين الجملتين؛ لأن (قد) تقرب الزمن الماضي، لأن الزمن الماضي نوعان: زمن ماضي بعيد، وهذا نسبي، وزمن ماضي قريب. إذا أردت الزمن البعيد لا تأتِ بقد، وإذا أردت الزمن الماضي القريب ائت بـ (قد)، فرق، حرف واحد، المعنى يختلف. ونحن لا نفرق بين (قد) وغيرها.
وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا ... لَقَدْ سَمَا عَلَى الْعِدَا .....
الْعِدَا: يعني الأعداء.
سمَا: يعني: علا.
عَلَى الْعِدَا: هذا جار ومجرور متعلق بسما.
مُسْتَحْوِذَاً: هذا حال من فاعل سما، سما هو يعود على (ذا) كأنه زيد مثلاً.
مُسْتَحْوِذَاً: أي غالب، هذا تتمة للمثال. إذاً: يشترط في خبر (إنَّ) الذي تدخل عليه اللام: ألا يكون فعلاً ماضياً متصرفاً، ويجوز في هذا النوع -يستثنى منه- ما سبقته (قد)، ما دخلت عليه (قد)، ما اقترن بـ (قد). إن اقترن بـ (قد) حينئذٍ جاز أن تدخل عليه اللام. إن زيداً لرضي: ممنوع، إن زيداً لقد رضي: جائز. ما الفرق بينهما؟ دخول (قد) على الثاني دون الأول.