فِي نَحْوِ خَيْرُ الْقَوْلِ إِنِّي أَحْمَدُ: خَيْرُ الْقَوْلِ إِنِّي أَحْمَدُ، هذه ضبطوها بماذا؟ قالوا: كل موضع وقعت (إنَّ) فيه خبر قول وكان خبرها قولاً والقائل هو واحد.
(إنَّ) وقعت خبر قول، والمراد بالقول ليس لفظ القول وإنما الكلام وما يكون من مادتها، قول، لفظ، كلام، جملة، نحو ذلك، ليس المراد مادة القول وإنما المراد به ما يدل على الكلام.
وخبر (إنَّ) كذلك قول، والقائل واحد، ثلاثة شروط: مبتدأ، قول، خبر (إنَّ) قول، والناطق المتكلم واحد حينئذٍ يجوز الوجهان.
خبر قول: أي ما بمعنى القول، سواء كان من مادة القول أو الكلام أو أحدهما، نحو، خير القول إني أحمد الله.
خَيْرُ الْقَوْلِ: خَيْرُ: هذا أفعل التفضيل، الْقَوْلِ: مضاف إليه، خَيْرُ مبتدأ، والقول: مضاف إليه، ونحن نقول: يشترط في أن يكون المبتدأ قولاً. وأفعل التفضيل بعض المضاف إليه، بعض المضاف إليه بمعنى: أن القول هو الذي يكون خير، فحينئذٍ اكتسبت المادة من جهة المعنى بإضافتها إلى القول، وإلا فالأصل أن خير هذا مباين للقول، لأنه أعم يشمل القول وغيره، وحينئذٍ نقول: أفعل التفضيل إذا أضيفت إلى شيء فهي بعضه، إن أضيفت إلى معنى فهي معنى، إن أضيفت إلى جثة فهي جثة، إن أضيفت إلى عمل فهي عمل، إن أضيفت إلى قول فهي قول، هذا المراد هنا.
إذاً: خَيْرُ الْقَوْلِ نقول: اسم التفضيل إذا أضيف، فاسم التفضيل بعض ما يضاف إليه.
خَيْرُ الْقَوْلِ: إذاً المبتدأ قول.
إني أحمد الله.
إِنِّي: (إنَّ) واسمها.
أَحْمَدُ الله: هذا قول يقع باللسان، إذاً: وجد فيه الشرطان.
خَيْرُ الْقَوْلِ -قولي أنا-: إني أحمد الله، حينئذٍ نقول: الفاعل واحد: إني أنا أحمد الله، وحينئذٍ نقول: بهذه الشروط الثلاثة يجوز فيه الوجهان في (إنَّ)، إني أحمد الله وأني أحمد الله. إذا قلت: إني أحمد الله على الجملة لا إشكال فيه، جعلتها خبراً عن القول؛ خير القول إني أحمد الله، فكأنك أكدت الجملة وهي مؤلفة من مبتدئٍ وخبر بـ (إنَّ) والجملة تكون استئنافية. ومن فتح جعل (أنَّ) وصلتها مصدراً خبراً عن خير، والتقدير: خير القول حمد الله، فحمد الله هذا وقع خبراً عن المبتدئٍ؛ لأنه في قوة المصدر خير القول أني أحمد الله، مثل لو قال: زيد أني فاضل على قول من جوزه، والجمهور على المنع زيد أني فاضل أو أنه فاضل، فـ (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر عن المبتدئٍ، هذا مثله، وحينئذٍ نقول: خير القول أني أحمد الله، خير القول حمد الله، فجعله خبراً للمبتدئٍ المذكور. والتقدير: خير القول حمد الله. فخير: مبتدأ، وحمد الله: خبر.
ومن كسرها جعلها جملة خبراً عن خير، كما تقول: أول قراءة (سبح اسم ربك الأعلى)، وحينئذٍ يكون الإخبار بالجملة لقصد الحكاية، كأنك تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله كنز، أي: هذا اللفظ وهذا صار مثلها، خير القول إني أحمد الله، فكأنه قال: هذا اللفظ هو خير القول، فأول: مبتدأ، وسبح اسم ربك الأعلى: جملة خبر عن أول، وكذلك خير القول: مبتدأ، وإني أحمد الله: خبر.