وأما اسم الجنس الجمعي، يعني: لا بالنظر إلى الكلم، وإنما اسم الجنس الجمعي من حيث هو باعتبار مرجع الضمير فيه ثلاثة أحوال:
فمنه ما يجب تذكيره ولا يجوز تأنيثه: كغنم.
وما يجب تأنيث ضميره، ولا يجوز تذكيره: كبط.
وما يجوز في ضميره الأمران كبقر وكلم، هذا اسم الجنس من حيث هو، لا بالنظر إلى الكلم، قلنا: الكلم اسم جنس جمعي، أليس كذلك؟ بلى، يجوز في ضميره أمران، هل هذا الحكم مطرد في جميع اسم الجنس؟ لا، وإنما فيه تفصيل: بعضه يجب تذكيره، وبعضه يجب تأنيثه، وبعضه فيه الأمران، ومرده إلى لسان العرب، يعني: كيف تعرف أن هذا مما يجب تذكيره، وهذا مما يجب تأنيثه، وهذا مما يجوز فيه الأمران؟ بالرجوع إلى القاموس ولسان العرب ونحو ذلك.
وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ .. ثم حرف الكلم: عرفنا أن الكلم المراد به: اسم جنس جمعي، لا اسم جنس إفرادي، واسم الجنس الجمعي حقيقته هو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالباً، بأن تكون التاء في المفرد لا في الجمع كلمة .. كلم، التاء موجودة في المفرد، شجرة .. شجر، بقرة .. بقر، إلى آخره.
نقول: وجود التاء في المفرد وتسقط في الجمع، هو عينه اللفظ: كلمة .. تحذف التاء، صار: كلم، بقر: هذا جمع اسم جنس جمعي، واحده: بقرة، لا فرق بينهما إلا التاء، هل التاء مطلقاً تكون فرقاً بينه؟ لذلك قلنا: غالباً، قد يكون العكس، التاء في الجمع لا في المفرد، مثل: كمئٍ وكمئةٍ .. كمئٍ: هذا مفرد، وكمئةٍ: هذا جمع، عكس بقرة وبقر، وقد يكون الفرق بينهما بالياء: زنج وزنجي، روم ورومي.
حينئذٍ الغالب فيه أن يفرق بينه وبين واحده بالتاء، هذا اسم الجنس الجمعي.
وأما اسم الجنس الإفرادي: فهو ما يصدق على القليل والكثير، يعني: يدل على الماهية بقطع النظر عن إفادة القلة أو الكثرة، الماهية من حيث هي: ماء، تقول: هذا ماء، وتنظر إلى البحر فتقول: هذا ماؤه، أليس كذلك؟ إذاً: اللفظ صدق على القليل والكثير، هذا تراب، أليس كذلك؟ هذا زيت، يصدق على القليل والكثير، النقطة تقول: هذه زيت وهي نقطة، وتأتي إلى الجردن وتقول: هذا زيت، يصدق على القليل والكثير.
هذا ضابط اسم الجنس الإفرادي: ما دل على الماهية لا بقيد قلة أو كثرة كماء وتراب.
واحِدُهُ كَلِمَةٌ: عرفنا أن المراد هنا بواحده: المراد به لفظ الكلم، وأن المراد بالكلم: اسم الجنس الجمعي، وهنا ذكَّر على الأصل، فلا نحتاج نقول: لماذا ابن مالك رحمه الله تعالى، لم يقل كما قال ابن معطي: واحدها كلمة؟ جرى على الأصل أو لا؟ جرى على الأصل.
واحِدُهُ كَلِمَةٌ: والكلمة: فعِلة، وفيها ثلاث لغات كما سيأتي لها معنيان: معنىً لغوي، ومعنىً اصطلاحي.
أما معناها في لسان العرب، الذي إذا أطلق عند العرب انصرف إليه المراد به: الجمل المفيدة، والمفيدة: هذا قيد لبيان الواقع لا للاحتراز، فحينئذٍ إذا كانت الجملة واحدةً أو متعددة صح إطلاق الكلمة عليها، على الجمل المفيدة، يعني: قد تأتي إلى سورة، وتقول: هذه جملة .. هذه كلمة، وهي جمل، وقد تأتي إلى جملة واحدة: قام زيد، أو زيد قائم، فتقول: هذه كلمة.