الأول: ما يجب تجرده من (أن)، يعني: لا يجوز إدخال (أن) المصدرية عليه، لا يجوز. نقول: هذا نوع وهو أفعال الشروع، لأنها للأخذ بالفعل، فخبرها في المعنى حال، و (أن) تخلص للاستقبال. أنشأ زيد يحدو، يحدو يعني: شرع في الحداء، فإذا قلت: أنشأ زيد أن يحدو، (أن) هذه تصير الفعل الماضي من الحال إلى الاستقبال، كيف تقول: أَنْشَأَ يعني بدأ بالفعل، ثم تقول: أن يَحْدُو في المستقبل، أليست (أن) مثل السين وسوف؟ أليست (أن) من المخلصات بدلالة الفعل المضارع من الحال إلى الاستقبال؟ السين وسوف مثلها، سوف يصلي، سيصلي، أن يصلي في المستقبل ليس في الحال، أنشأ تدل على الحال، و (أن) تدل على الاستقبال فتنافيا، إذاً: يمتنع دخول (أن) المصدرية على أفعال الشروع.

الثاني: ما يجب اقترانه بها وهو أفعال الرجاء، لأن الرجاء من مخلصات الاستقبال، فنسبه (أن)، الرجاء يكون في المستقبل: أرجو كذا، عسيت كذا، حينئذٍ ناسبه أن يتصل بخبره (أن) المصدرية، لأنها للاستقبال، والرجاء إنما يكون في الاستقبال.

الثالث: ما يجوز فيه الوجهان وهو البواقي، وهذه بعضها أكثر من بعض، يعني لا من جهة الإيجاب ولا من جهة المنع، وإنما يجوز هذا وذاك ثم قد يقل وقد يكثر، أشار إلى هذا بقوله:

وَكَوْنُهُ بِدُونِ أَنْ بَعْدَ عَسَى ... نَزْرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا

هذا شروع في بيان أقسام الثلاثة.

وَكَوْنُهُ بِدُونِ أنْ بَعْدَ عَسَى ... نَزْرٌ

وَكَوْنُهُ: الضمير يعود إلى المضارع الواقع خبراً.

ولَكِنْ نَدَرْ ... غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهذَيْنِ خَبَرْ.

وَكَوْنُهُ: أي: كون المضارع الذي وقع خبراً بِدُونِ أنْ بَعْدَ عَسَى نَزْرٌ قليل، حينئذٍ بدون أن قليل، فالأكثر اتصالها به، إذاً: عسى زيد أن يقوم أكثر من عسى زيد يقوم، مع جواز الثاني.

إذاً من باب الأكثر والأقل في لسان العرب، ولذلك لم ترد في القرآن إلا بـ (أن).

وَكَوْنُهُ: أي: المضارع الواقع خبراً.

بِدُونِ أنْ: المصدرية.

بَعْدَ عَسَى نَزْرٌ: أي: قليل، كون هذا مبتدأ، خبره: نزر. كون يطلب اسماً وخبراً، الضمير اسم كون، والخبر محذوف.

وكونه وارداً بدون أن: بدون هذا متعلق بالخبر المحذوف خبر الكون، وبعد عسى كذلك.

نَزْرٌ: أي: قليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015