القول الثاني: أن المراد بالكلم ليس المراد به الكلم الاصطلاحي، والقول الثاني -وهو الأحق .. الصواب-: أن الكلم: مبتدأ، خبره: ما قبله، وأنه ليس المراد به معناه الاصطلاحي، ليس المراد به المعنى الاصطلاحي وهو: ما تركب من كلمتين .. من ثلاث كلمات فأكثر، بل المراد به: الكلمات: اسم جنس جمعي، يعني: المراد به المعنى اللغوي، وليس المراد به المعنى الاصطلاحي، بل المراد به الكلمات، أي: أشخاصها، فإنها وإن كثرت لا تخرج عن هذه الثلاثة، لا تخرج عن .. خالد وعمرو، وقام وضرب، إلى آخره، مهما عددت من الأفعال والأسماء والحروف لا تخرج عن هذه الأنواع الثلاثة، أي: الكلم: الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع .. الكلم: الذي يتألف منه الكلام .. على هذا التقدير .. التفسير بأنه: ليس المراد به الكلم الاصطلاحي، نقول: الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده، على هذا التقدير؛ لأنه قال: واحده كلمة، أشار إلى أن واحد الكلم: كلمة.

والذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف هو الكلم، إذاً: الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع: نوع الاسم، ونوع الفعل ونوع الحرف، فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته.

فالمراد بالكلم في كلام الناظم: الكلمات، أي: الأنواع الثلاثة للكلمة، فالمراد به حينئذٍ: المعنى الجنسي للكلمة، لا المعنى المصطلح عليه؛ لأن المعنى الجنسي: الذي هو قول مفرد مستقل أو منوي معه .. لأن المعنى الجنسي هو الذي يصح الحكم بالاسم والفعل والحرف عليه، ولقوله: واحده كلمة، هذا دليل على أنه أراد بالكلم: المعنى اللغوي لا الاصطلاحي؛ لأن الكلم المصطلح عليه يتألف من أجزاء، فلو كان مراده الكلم الاصطلاحي لقال:

وجزؤه كلمة ..

هذا أنسب؛ لأن: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) [المؤمنون:1] قد: جزء، وأفلح: جزء، والمؤمنون: جزء، ولذلك نقول: الكل والأجزاء، والكلي والجزئيات، فالجزء حينئذٍ لا يعبر عنه بالواحد؛ لأن الواحد قد يفهم استقلالاً دون غيره، وأما الجزء فلا ينفك عن غيره على الأصل.

فحينئذٍ لقوله: واحده كلمة، وإلا لقال: جزؤه كلمة أو نحوه؛ ولأن المقام يقتضي بيان أقسام الكلمة، هذا هو الأصل، وجرت عادة النحاة أنهم في هذا المقام يقسمون الكلمة ولا يقسمون الكلم المصطلح عليه .. ولأن المقام يقتضي بيان أقسام الكلمة لا أجزاء الكلم المصطلح؛ لأن الباب معقود للكلام وما يتألف منه، وهو الكلم الثلاث التي هي أقسام الكلمة، ولذلك قال: الكلام وما يتألف منه، يعني: وما يتألف الكلام منه، أي: والأشياء التي يتألف الكلام منه، وهذا المراد به ماذا؟ الاسم والفعل والحرف، فدل على أن مراده هنا بيان الكلام لا الكلم.

وحشر الكلم هنا المصطلح عليه هذا من باب الاجتهاد والنظر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015