إذاً الحاصل أن المسموع هو ما كان بضمير المخاطب، وما عداه يكون من باب القياس، فهل يوافق أم يخالف؟ الثاني أقرب.
إذاً: هذه مواضع حذف كان كما ذكرناها.
قال ابن هشام رحمه الله تعالى في التوضيح: تحذف كان ويقع ذلك على أربعة أوجه:
الأول -وهو الأكثر-: أن تحذف مع اسمها ويبقى الخبر، وكثر ذلك بعد إن ولو الشرطيتين، ومثّل لهما بقولهم: " النَّاسُ مجَزِيُّونَ بِأعْمَالِهِمْ إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وَإنْ شَرَّاً فَشَرٌّ"، أي: إن كان عملهم خيراً فجزاؤهم خير، ويجوز إن خير فخير بتقدير إن كان في عملهم خير فيجزون خيراً، ويجوز نصبهما ورفعهما، والأول أرجحها والثاني أضعفها، والأخيران متوسطان، ومثال لو: {الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ}، وقل الحذف المذكور بدون إن ولو.
الموضع الثاني: أن تحذف مع خبرها ويبقى الاسم وهو ضعيف كما سبق إن خير، إن كان في عمله خير، هذا ضعيف.
ثالثاً: أن تحذف وحدها، وكثر ذلك بعد أن المصدرية، بمثل أما أنت منطلقاً انطلقت، ثم شرحه.
الرابع: أن تحذف مع معموليها، -كلها يعني-، لكن هذا ضعيف جداً، وذلك بعد إن الشرطية يعني، في قولهم: افعل هذا إما لا، إن كنت لا تفعل غيره، فما عوض ولا نافية للخبر. هذا أقل من ذكره ذكره في التوضيح.
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ وَهُوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ
أيضاً هذا من خصائص كان ولا يلحق بها غيره، وهو أنه تحذف نون كان بشروط ذكرها المصنف هنا.
وَمِنْ مُضَارِعٍ: جار ومجرور متعلق بقوله: تُحْذَفُ نُونٌ .. تُحْذَفُ نُونٌ من مضارع، إذاً خصوص النون، وخص بها المضارع، إذاً لا الأمر ولا اسم الفاعل ولا الماضي ولا غيره، وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ: صفة لمضارع جار ومجرور متعلق بمحذوف، سواء كانت كان تامة أو ناقصة، أطلق الناظم هنا، لِكَانَ إذاً النون تحذف من كان سواء كانت كان تامة أو ناقصة، بشرط أن تكون بصيغة المضارع.
لِكَانَ مُنْجَزِمْ: هذه صفة ثانية لمضارع، صفة بعد صفة، مُنْجَزِمْ يعني بالسكون لا بحذف النون، لم يتصل به ضمير نصب وقد وليه متحرك، تُحْذَفُ نُونٌ هي لام الفعل تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وشبهها بحروف العلة؛ لأنها متطرفة، وإذا كان كذلك حينئذٍنقول: يجوز حذف هذه النون بهذه الشروط المذكورة في البيت، وهو حذف جائز يعني ليس بواجب، وهو حذف جائز مَا الْتُزِمْ، يعني لم يوجبه العرب أو يحكم بوجوبه النحاة، بل من أراد أن يحذف تخفيفاً حذف، ومن أراد الأصل نطق بالأصل.
إذاً شروط الحذف: أن يكون من مضارع بخلاف الأمر والماضي.
ثانياً: مجزوماً بالسكون، بخلاف المرفوع والمجزوم بالحذف.