أربعة أنواع: (كان) الناقصة، و (كان) التامة وأشار إليها بقوله:
وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ
وهذه (كان) الشانية والصحيح أنها نوع من الناقصة، وهي يلجأ إليها عند تقدير الاسم ضمير الشأن. كان الناس صنفان، وإلا الناس صنفان، بعضهم رأى أنه قد ترفع (كان) الجزأين: الاسم، وهذا لا إشكال فيه، والخبر، صنفان والأصل نقول: صنفين، وحينئذ تخريجاً لهذا الفرع المخالف للأصل المتفق عليه لا بد من التأويل. كَانَهُ أو كان هوَ الناس صنفان، كان هو الحال والشأن الناس صنفان، هنا مثله، .. لـ (كان) فيفيدنا أن (كان) الشانية ناقصة وهو الأصح؛ لأنه لم يثبت في كلامهم ضمير الشأن إلا مبتدأ في الحال أو في الأصل، في الأصل قبل دخول (كان) هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، أو في الحال وهو: كَانَهُ، الذي معنا. كَانَهُ، نحو: ((هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1] وقيل: تامة فاعله الضمير والجملة مفسرة له، وقيل: واسطة.
انو مضمر الشان اسماً، يعني: انو في العامل مضمر الشان حال كونه اسماً لـ (كان).
إِنْ وَقَعْ: شيء من كلامهم وثبت مُوهِمُ: جواز مَا اسْتَبَانَ وظهر لك أَنَّهُ امْتَنَعْ، وهو أنه لا يلي العامل معمول الخبر، إن جاء في لسان العرب ما ظاهره أنه قد ولي العامل معمول الخبر حينئذ وجب التأويل، وصورة هذا التأويل ماذا؟ أن ننوي اسم (كان) محذوفاً وهو ضمير الشأن.
قال الشاعر:
قَنَافِذُ هَدَّاجُون حَوْلَ بُيوتِهِم ... بِمَا كَان إيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا
الكوفيون استدلوا بهذا على أنه لا يمتنع، أن يلي (كان) معمول الخبر، لماذا؟ لأن عطية اسم (كان)، وعَوَّدَا: هذا فعل ماضي، والجملة في محل رفع خبر (كان). إيَّاهُمْ عودهم، هذا الأصل، عطية عودهم، عودهم: الهاء هذا مفعول به لعود، فهو معمول للخبر، انفصل فتقدم على الاسم فصار: كان إيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا، هل يصح الاستدلال بهذا؟ قالوا: لا؛ لأن الأصل مطرد وحينئذ لا بد من التأويل، فننوي ضمير الشأن محذوفاً هنا، كان هو عطية عودا، إياهم بعد أن نوينا ضمير الشأن كَانَهُ إياهم كان هو إياهم، اتصل أو انفصل لا إشكال، كَانَهُ كان هو إياهم، إذاً: إيَّاهُمْ لم يلي (كان)، لماذا؟ لأن الذي تلا (كان) هو الاسم المحذوف، والمحذوف لعلة كالثابت، وحينئذ يراعى حذفه كما أنه ثابت في الكلام، فحينئذ لم يلي العامل معمول الخبر، ولكن الكوفيون لهم تأويل ولهم إشكالات أخرى في هذا، فهذا ظاهره ماذا؟ أنه مثل: كان طعامك زيد آكلاً، تأخر الخبر وتقدم معموله على الاسم. كان طعامك زيد آكلاً، مثله، قلنا: هنا تقدم معمول الخبر ولم يتقدم الخبر نفسه على اسم كان، هذا مثله: كان إياهم عطية عوداً. إذاً: لا بد من التأويل، وهذا الوجه المشهور أنه ضمير الشأن.
ويحتمل أن (كان) زائدة.
بِمَا كَان إِيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا
إذا خرجناها على أنها زائدة حينئذ خرجت المسألة من باب (كان)، بما بالذي عطية عودهم، وحينئذ صارت الجملة مبتدأ وخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
ومثله:
فأَصْبَحُوا والنَّوَى عَالِي مُعَرَّسِهِم ... ولَيْسَ كُلَّ النَّوى تُلْقِي المسَاكينُ