ومَعْمُولُ الْخَبَرْ: هذا فاعل يلي. ولا يلي معمول الخبر العامل، سواء كان مفعولاً أو حالاً أو غيرهما، مطلقاً عند جمهور البصريين، يعني: سواء تقدم الخبر على الاسم أم لم يتقدم؛ لأن هذا يدخل تحته صورتان: إما أن يتقدم معمول الخبر على الاسم فقط، وإما أن يتقدم الخبر ومعمول الخبر على الاسم أيضاً مع كون المعمول تالياً لـ (كان)، وتحته صورتان: البصريون مطلقاً على المنع، سواء تقدم الخبر على الاسم، نحو: كان طعامَك آكلاً زيد، كان زيد آكلاً طعامَك، هذا التركيب الأصل فيه: كان زيد آكلاً طعامك، آكلاً: هذا خبر كان، والفاعل هو، وطعامك: هذا مفعول به. هل يجوز أن يقال: كان طعامك زيد آكلاً؟ لا. كان طعامك آكلاً زيد؟ لا، مطلقاً، فتحته صورتان: أن يتقدم الخبر على الاسم، فيقال: كان طعامك آكلاً زيد، زيد هذا متأخر وهو اسم (كان)، وآكلاً: هذا خبرها، تقدم على الاسم، وتقدم معمول آكلاً معمول الخبر على الخبر فتلا (كان)، هذا ممتنع عند البصريين.

أم لم يتقدم، نحو: كان طعامك زيد آكلاً، آكلاً هذا في محله، وزيد في محله لم يتقدم الخبر على الاسم، وإنما تقدم معمول العامل على الاسم فتلا العامل.

إذاً: هذا ممنوع مطلقاً، لماذا؟ للفصل بين العامل ومعموليه بأجنبي.

وأجازه الكوفيون مطلقاً؛ لأنه سيأتي استشهادهم بقوله:

بِمَا كان إيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا وخُرِّجَ على زيادة (كان) أو ضمير الشأن، كما سيأتي.

استثنى الناظم صورة واحدة وهي: إذا كان معمول الخبر ظرفاً أو حرف جر، حينئذ يجوز؛ لأنهم يتوسعون في الظروف والمجرورات ما لا يتوسعون في غيرهما، فيستثنى هذا لما ذكرناه من الأصل.

إلاَّ إذَا ظَرْفاً أَتَى: إلا إذا أتى معمول الخبر حال كونه ظرفاً كعند، أو حرف جر مع مجروره، إذا جاء معمول الخبر ظرفاً أو حرف جر ليس لوحده بل مع مجروره لأنه يستلزمه؛ حينئذ يلي العامل اتفاقاً، وهذا لا إشكال فيه؛ لأن الكوفيين يجيزون ما هو أشد من هذا وهو: كان طعامك زيد آكلاً، إذا أجازه الكوفيون طعامك وهو اسم أجنبي واضح بين ولا يتوسع فيه فجوازهم للمجرورات والظروف من باب أولى وأحرى، فهو محل وفاق بين البصريين والكوفيين، فالاستدلال حينئذ ليس لإثبات الكوفيين، لأنهم يثبتونه مطلقاً، الجواز عندهم مطلقاً؛ لأن معمول الخبر ليس أجنبياً عن العامل الأصلي وهو كان، فحينئذ جوازه هنا باتفاق، أن يكون معمول الخبر ظرفاً أو حرف جر.

للتوسع في الظروف والمجرورات: كان عندك زيد جالساً، زيد: اسم كان، وجالساً: خبرها، وعندك: هذا ظرف متعلق بجالس، هو معمول له، لأن (عند) منصوب على الظرفية.

وَعِندَ فِيهَا النَّصبُ يَستَمِرُّ ... لَكنَّهَا بِمِنْ فَقَطْ تُجَرُّ

وحينئذٍ؛ تلى (عِندَ) العامل وهو معمول لخبر (كان)، هذا جائز باتفاق، لماذا؟ لأنه ظرف. كان في الدار زيد جالساً، جالساً في الدار، تقدم المعمول وهو جار ومجرور، هذا جائز؛ لأنه جار ومجرور، وهم يتوسعون في الجار والمجرور أكثر من توسعهم في غيره.

إذاً: وَلا يَلِي الْعَامِلَ مَعْمُولُ الْخَبَرْ إلاَّ .. استثنى مسألة واحدة: وهي إذا كان معمول الخبر ظرفاً أو حرف جر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015