دَائِماً قُفِي: تُبع، حينئذ بهذا التعبير الذي هو حصر لنا أن منها ما هو ناقص أبداً ولا يكون تاماً، فما عداه يكون ناقصاً وتاماً، أثبت لنا النقص -ما لا يخرج عن النقص- وما عداه حينئذ ما لم يذكره من النواسخ نقول: هذا يكون تارة تاماً ويكون تارة ناقصاً.
والنَّقْصُ: النَّقْصُ هذه (أل) للعهد الذكري؛ لأنه قال: وَمَا سِوَاهُ نَاقِصٌ. ((إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)) [المزمل:16] مثلها، أعيدت النكرة معرفة، فهي عين الأولى.
إذاً: والنقص السابق المذكور وهو الافتقار إلى المنصوب في فتئ وليس، وزال: هذا ماضي يزال قُفِي: تبع دائماً، فلا تستعمل هذه الثلاثة تامة بحال، لا تكون إلا ناقصة، وما عداها يكون تارة ناقص، وتارة أخرى تاماً، وما سواها يستعمل ناقصاً وتاماً.
إذاً: فتئ وليس وزال دائماً قفي، دائماً هذه حال من الضمير المستتر في قفي، تقدم عليه، يعني: قفي دائماً بمعنى أنه مستمر لا ينفك عن النقص بحال من الأحوال.
إذاً: كل هذه الأفعال يجوز أن تستعمل تامة إلا فتئ وزال التي مضارعها: يزال، لا التي مضارعها: يزول؛ فإنها تامة. هذه الأفعال نواسخ كلها. قوله: كَكَانَ ظَلَّ بَاتَ .. إلى آخره، نقول: هذه تسمى نواقص. وسبق خلاف: هل تدل على حدث أم لا؟ هل (كان) تدل على حدث؟ هل (أصبح) تدل على حدث أم لا؟ الصحيح قلنا: أنها تدل على حدث، لأنها الأصل في وضع الأفعال أن تكون متضمنة للحدث.
ثم الكثير منها سمع له مصادر، وهل المصدر إلا الحدث؟ إذا قيل: (كان) مشتقة من الكون والكون هو عين الحدث مصدر، فحينئذ نقول: (كان) هذه متضمنة للحدث ولا شك، وكذلك الصباح والمساء ونحو ذلك.
إذاً: هذه الأفعال تسمى نواقص، قيل: لعدم دلالتها على الحدث بناءً على أنها لا تفيد، وهذا مشهور عند النحاة: أن (كان) الناقصة لماذا سميت ناقصة؟ لأنها لا تدل على حدث، وإنما هي لمجرد الربط -ربط الخبر بالمبتدأ- في الزمن الماضي فحسب، فهي زمانية محضة جردت للزمن، كان زيد قائماً ماذا أفادت؟ أفادت اتصاف زيد بالقيام في الزمن الماضي فقط؛ لأن القيام هو مدلول الجملة، الحدث الموجود في الجملة الآن ما هو؟ هو القيام فحسب. و (كان) ما وظيفتها؟ قالوا: أضافت القيام إلى زيد وقيدته بكونه في الزمن الماضي فحسب، أما (هي) هل تدل على حدث عند الكثيرين؟ لا، الصواب أنها تدل على حدث، ولذلك عند بعضهم سميت ناقصة لكونها لا تدل على حدث؛ لأن الأصل في الفعل أن يكون متضمناً لشيئين: زمن وحدث. هنا الأصل فيها (كان) أن تدل على حدث وزمن، لكن دلت على الزمن، إذاً: نقصت أو لا؟ نقصت أحد جزئي الفعل، قام: يدل على حدث وهو القيام وأنه في زمن مضى. (كان) لا تدل على حدث، وإنما تدل على زمن مضى، إذاً: هي ناقصة. فنقصها لأحد جزئي الفعل الذي يوضع له في أصل لسان العرب سميت ناقصة، وهذا مشهور عند كثير من النحاة والصواب خلافه.