أجيب من جهة المانعين بأن يوم هذا ظرف، وأن القاعدة أنهم يتوسعون في الظروف والمجرورات ما لا يتوسعون في غيره، حينئذٍ ألحق بالقاعدة العامة وهو: أن الظروف والمجرورات هذه يتوسع فيها، يتوسع فيها بماذا؟ يعني يتساهل فيها، لا نأتي نطبق الأحكام بالمنع والإيجاب إلى آخره على الظرف والجار؛ لأنه ضعيف، الضعيف لا نقوى عليه إنما نقوى على القوي، فنقول الضعيف هذا لا يعتبر حجة في إثبات الأحكام.
إذاً ((أَلا يَوْمَ)) يَوْمَ نقول هذا معمول مَصْرُوفًا وهو خبر ليس فتقدم على ليس، دل عند الجمهور على جواز تقدم الخبر، أجيب -هذا الاستدلال- بأن يوم ظرف، ويتوسع في الظرف والمجرورات ما لا يتوسع في غيرها.
وَمَنْعُ سَبْقِ خَبَرٍ لَيْسَ اصْطُفِي: (وَمَنْعُ سَبْقِ) مبتدأ هذا منع، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل محذوف، وسبق هذا مصدر مضاف إلى فاعله وهو خبر، و (لَيْسَ) ما إعرابه؟ قصد لفظه وهو مفعول اصْطُفِي هذه الجملة خبر.
إذاً: يمنع تقدم خبر ليس عليها، اختلف النحويون في جواز تقديم خبر ليس عليها، وذهب الكوفيون والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين ومنهم المصنف إلى المنع؛ لعدم السماع، ولأنه فعل غير متصرف قياساً على نعم وبئس ونحوها ..
وذهب أبو علي الفارسي وابن برهان إلى الجواز فتقول: قائماً ليس زيد، واختلف النقل عن سيبويه، فنسب قوم إليه الجواز وقوم المنع، له قولان، ولم يرد من لسان العرب تقدم خبرها عليها، وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره تقدم معمول خبرها عليها كقوله تعالى: ((أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ)) إلى آخره.
وبهذا استدل من أجاز تقديم خبره عليها وتقريره أن يوم يأتيهم معمول الخبر، الذي هو مصروفاً، وقد تقدم على ليس.
قال: ولا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل، والجواب ما ذكرناه.
ثم قال: وَذُو تَمَامٍ، ونقف على هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد ... !!!