وكذلك كل من الحال والظرف قيد، فلما تشابه الحال والظرف في هذه الأمور، والظرف يسد مسد الخبر أعطي الحال هذا الحكم فسدت الحال مسد الخبر، والخبر محذوف وجوباً والتقدير: ضربي العبد إذا كان مسيئاً، ضربي زيداً إذا كان قائماً، إذا أردت الاستقبال بـ إذا، وإن أردت المضي فالتقدير: ضربي العبد إذ كان مسيئاً، فمسيئاً حال من الضمير المستتر في كان المفسر بالعبد، وإذا كان أو إذا كان ظرف زمان نائب عن الخبر.

ونبه المصنف بقوله: وَقَبْلَ حَالٍ على أن الخبر المحذوف مقدر قبل الحال التي سدت مسد الخبر كما تقدم تقريره. ضربي العبد حاصل إذ كان مسيئاً، ضربي العبد حاصل، إذاً قبل الحال.

واحترز بقوله: لاَ يَكُونُ خَبَرَا عن الحال التي تصلح أن تكون خبراً، عن المبتدأ المذكور نحو ما حكى الأخفش من قوله: زيد قائماً، حينئذ نجعل هذا قائماً لا نقول: خبر محذوف، نقول: زيد ثبت قائماً، فهو حال للضمير المستتر في ثبت، والتقدير: ثبت قائم، وهذه الحال تصلح أن تكون خبراً: زيد قائم، فلا يكون الخبر واجب الحذف بل جائز الحذف.

والمضاف إلى هذا المصدر حكمه حكم المصدر، لذلك قال ابن مالك هنا:

وأتَمْ ... تَبْيِينيَ الْحَقَّ مَنُوطاً بِالحِكَمْ

أتَمْ: أفعل التفضيل أتم.

تَبْيِينيَ: هذا مصدر. إذاً أضيف أفعل التفضيل إلى المصدر فأخذ حكمه، مثل: غلام من هناك؟

تَبْيِينيَ الْحَقَّ: الْحَقَّ هذا مفعول به.

مَنُوطاً بِالحِكَمْ: مَنُوطاً أي معلقاً بِالحِكَمْ. منوط هذا حال، أتم تبييني الحق حاصل إذ كان منوطاً، إذا كان منوطاً. إذاً هذه المسألة يعبر عنها بماذا؟ بمسألة: ضربي زيداً قائماً، وهي من مواضع وجوب حذف الخبر.

والجمهور على أن ضربي مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، وزيداً: مفعول به، وقائماً: حال، على المسألة التي ذكرها السيوطي رحمه الله تعالى.

ثم اختلفوا: هل يحتاج هذا المبتدأ إلى خبر أو لا؟ مسألة في الأصل، هل يحتاج إلى خبر أو لا؟ فيه خلاف.

الجمهور نعم، لا بد من تقدير خبر، ثم اختلفوا: هل يجوز إظهاره؟ فقيل: نعم، والجمهور على المنع. ثم اختلفوا في كيفيته ومكانه، فقال الجمهور: تقديره: إذ كان قائماً إن أردت الماضي، وإذا كان قائماً إن أردت المستقبل وحذف كان وفاعلها ثم الظرف، وما أضيف إليه كذلك.

إذاً: هذه المواضع نقول: مما يجب فيه حذف الخبر: بَعْدَ لَوْلاَ غَالِبَاً يعني: في غالب حاليها، وَبَعْدَ مبتدئٍ هو نَصٌّ فِيِ اليَمِينِ، وَبَعْدَ وَاوٍ عَيَّنَتْ مَفْهُومَ مَعْ -أن يكون مبتدأ أولاً ثم يأتي بعده حرف وهو الواو بمعنى المصاحبة-، ثم قَبْلَ حَالٍ على ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى.

زاد ابن عقيل المواضع التي يجب فيها حذف المبتدأ وجوباً، وقد عدها في غير هذا الكتاب أربعة:

الأول: النعت المقطوع إلى الرفع، يعني ثَمَّ مواضع يجب فيها حذف المبتدأ على عكس المسألة السابقة، لكن تركها الناظم ولم ينظمها، ولا أدري هل ذكرها في الكافية أو لا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015