أيضاً: أن تكون جواباً، -زيادة على ما ذكره الناظم (الثامن) -: أن تكون جواباً نحو: يقال لك: من عندك؟ تقول: رجل، رجل هذا مبتدأ، يعني: رجل عندي، صح الابتداء به لماذا؟ لحصول الفائدة، ما المسوغ لحصول الفائدة هنا؟ كونه جواباً لسؤال، قد يقال: لماذا لا نقد: عندي رجل، نقول: عندي رجل، لا يصح تقديره في مثل هذا التركيب، لماذا؟ لأن الجواب يطابق السؤال، والسؤال قد وقع فيه من مبتدأً حينئذٍ الجواب يكون مبتدأً، رجل عندي، ولا يصح عندي رجل، نص على ذلك السيوطي في جمع الجوامع، أن تكون جواباً نحو أن يقال: من عندك؟ فتقول: رجل، التقدير رجل عندي، فيقدر الخبر متأخراً، ولا يجوز تقديمه أبداً؛ لأن الجواب يسلك سبيل السؤال، والمقدم في السؤال هو المبتدأ.
التاسع: أن تكون عامة، كلٌ يموت، كلٌ هذا مبتدأ، وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ وإنما سوغ الابتداء به كونه لفظاً عاماً، وهذا يدخل فيه الشرطية أيضاً؛ لأنها من ألفاظ العموم، ولذلك هذه كلها ترجع إلى العموم والتخصيص، -أكثرها- إلا ما شذ قليل جداً، وبعضهم يقول: جعلها بضابط التخصيص والتعميم هذا ضعيف، وليس بصحيح بل الصواب ما ذكره ابن هشام: أنها لا تخرج عن التعميم والتخصيص، وكل هذه الأمثلة لو تأملتها تجد أنها إما تخصيص وإما تعميم إلا القليل النادر، القليل هذا لا حكم له، أن تكون عامة نحو: كلٌ يموت.
أن يقصد بها التنويع:
فَأَقْبَلْتُ زَحْفاً عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ ... فَثَوبٌ لَبِسْتُ وَثُوْبٌ أَجُرّ
لما نوعت النكرة هنا ثوب وثوب نوعان، جاز الابتداء بها، وهذا قد يكون فيه نوع تخصيص، لماذا؟ لأنه كأنه قسَّم الثوبين إلى نوعين ولا ثالث لهما، وهذا نوع تخصيص.
فَثَوبٌ لَبِسْتُ وَثُوْبٌ أَجُرّ، ليس عنده إلا ثوبان: واحد يجره، وواحد يلبسه، إذاً حصل التخصيص.
الحادي عشر: أن تكون دعاءً، ((سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ)) [الصافات:130].
الثاني عشر: أن يكون فيها معنى التعجب نحو: ما أحسن زيداً، هذا وصف، أي: شيء عظيم حسَّن زيداً، هذا راجع إلى الوصفية، ما هذه ما إعرابها؟ مبتدأ، ما التعجبية تعرب مبتدأ، حسَّن زيداً، أحسن زيداً، هذه الجملة خبر، طيب النكرة نقول: وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ، وما التعجبية نكرة، ما المسوغ، الوصف المحذوف المقدر، وهو شيء عظيم حسن زيداً.
الثالث عشر: أن تكون خلفاً من موصوف، يعني: تخلفه، مؤمن خير من كافر، يعني: رجل مؤمن حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، صارت خلفاً عنه، وهذا راجع إلى الوصفية أيضاً.
أن تكون مصغرة، رُجَيل عندك؛ لأن التصغير فيه فائدة معنى الوصف، كما سبق وهو راجع إلى الوصفية.
الخامس عشر: أن تكون في معنى المحصور، شَرٌّ أهرَّ ذَا نَابٍ، وشيءٌ جَاءَ بِكَ، ما أهر ذا ناب إلا شر، تخصيص قصر، والقصر هذا يرده إلى التخصيص، وما جاء بك إلا شيء -على أحد القولين-، والثاني: شر عظيم أهر ذا ناب، شر أهر ذا ناب، شر هذا مبتدأ، والذي سوغ الابتداء به إما أن يقال: بأنه حصر، وإما أن يقال: بأن ثَم صفة له، شر عظيم، رجع إلى رجيل، رجل صغير، مثل ما سبق.