وَإِنْ يُشْتَقَّ، عرفنا أن الأصل فيه اسم الفاعل واسم المفعول وما جرى مجرى الفعل، كذلك الجامد الذي يؤول بالمشتق فهو متحملً لضمير، زيد أسد أي هو؛ لأن أسد الاعتبار هنا بالمعنى، فأسد هنا في قوة قولك شجاع، وشجاع هذا فُعَال صفة مُشَبَّهَ، حينئذٍ نقول: شجاع، لو جاء لفظ شجاع لتحمل الضمير؛ لأنه مشتق يجري مجرى الفعل، فحينئذٍ ما جاء في مكانه في موضعه من الجامد ولوحظ فيه المعنى –المعنى المشتق- حينئذٍ صار مثله؛ لأن القاعدة كما ذكرنا: أن ما وضع في محل شيء فالأصل فيه -في الجملة- أنه يأخذ أحكامه، أقائم الزيدان؟ قائم هذا وضع موضع الفعل فأخذ أحكامه لا يخبر عنه ولا يُصَغَّر ولا يُثَنَّى إلى آخره، حينئذٍ شجاع هذا الأصل زيد شجاع، لكن عبر بالأسد من باب الكناية فصار متحملاً للضمير، إذاً أسد في اللفظ هو جامد، هل هو متحمل للضمير؟ نقول: نعم متحمل للضمير باتفاق البصريين والكوفيين، إذاً ثلاثة أنواع للمفرد: مفرد جامد محض خالص، مفرد جامد مؤول بالمشتق، مشتق خالص.
الأول: هو محل النزاع بين البصريين والكوفيين، وهو المفرد المحض كزيد أخوك، فنقول: أخوك هذا ليس متحملاً للضمير على الصحيح.
وأما الجامد المؤول بالمشتق والمشتق، فمذهب الكوفيين والبصريين اتفاقاً أنهما متحملان للضمير، لكن يشترط في المشتق أن لا يرفع ظاهراً لفظاً ولا محلاً، فإن رفع ظاهراً حينئذٍ لم يكن فيه ضمير مستكن، بل الاسم الظاهر والضمير المرفوع محلاً يكون هو الفاعل في المعنى وأما الضمير المستكن فلا وجود له أصلاً لئلا يكون ثَم فاعلان للفظ الواحد وهذا ممتنع.
والمُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ، أي: لا يتحمل ضمير وَإِنْ يُشْتَقَّ فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتَكِنْ، أي: مستتر لا يظهر، ولكن لابد من تقييده بماذا؟ إن لم يرفع ظاهراً، وإلا العبارة مدخولة، إذاً المفرد إما أن يكون جامداً أو مشتقاً كاسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وأفعل التفضيل.
فإن كان جامداً ذكر المصنف أنه يكون فارغاً من الضمير، زيد أخوك، وذهب الكسائي والرماني وجماعة إلى أنه يتحمل الضمير والتقدير عندهم: زيد أخوك هو.
وأما البصريون فقالوا: إما أن يكون الجامد متضمناً معنى المشتق مؤولاً به أو لا، فإن تضمن معناه زيد أسد وزيد تميمي، وعمرو تميمي أي منتسب إلى تميم، وبكر ذو مال أي: صاحب مال، حينئذٍ تحمل الضمير، وإن لم يتضمن ذلك المعنى لم يتحمل الضمير، وإن كان مشتقاً فذكر المصنف أنه يتحمل الضمير نحو زيد قائم أي هو، هذا إذا لم يرفع ظاهراً، إذاً لو قيل: الخبر المفرد هل يتحمل ضميراً أم لا؟ ما الجواب؟
نقول: فيه تفصيل: إن كان جامداً محضاً لا، وإن كان مشتقاً أو جامداً مؤولاً بالمشتق فنعم، حينئذٍ محل النزاع بين الطرفين البصريين والكوفيين هو الجامد الخالص، والصواب أنه لا يتحمل ضميراً.
قال ابن عقيل: وهذا الحكم إنما هو للمشتق الجاري مجرى الفعل، كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، واسم التفضيل، فأما ما ليس جارياً مجرى الفعل من المشتقات فلا يتحمل ضميراً؛ لأن كلمة مشتق هذه أوسع من كونه يعمل أو لا يعمل.