والشبيه بالزائد والمقصود به رُبَّ ولعل ونحوها؛ قالوا: هذه استعملت فيما وضع لها في لسان العرب، يعني: رُبَّ تفيد التقليل أو التكثير، إذا جاءت: رُبَّ رجل كريم لقيته، رُبَّ رجل كريم قائمٌ، نقول: رجل هذا مبتدأ مرفوع بالابتداء، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، رُبَّ هل استعملت في معناها أو لا؟ استعملت في معناها، إن كان التقليل: رُبَّ رجل كريم لقيته أو قائم، إن كان المراد به التكثير على حسب نية القائل، فحينئذ كون رُبَّ استعملت في معناها صارت شبه زائدة. لماذا لم نحكم بكونها زائدة؟ لأنها استعملت في معناها. لماذا صارت شبيهاً بالزائدة؟ لأنه ليس لها متعلق تتعلق به، والتعلق إنما يكون بحرف الجر الأصلي.
لاَ بُدَّ للجار مِن التَّعَلُّقِ ... بِفعْلٍ اوْ مَعنَاهُ نحو مُرتَقِي
نقول: هذا خاص بحرف الجر الأصلي، وأما الزائد والشبيه بالزائد فلا متعلق لهما البتة. مررت بزيد، بزيد: جار ومجرور متعلق بقوله: مرّ، لماذا قلنا: جار ومجرور متعلق بمرّ؟ احتجنا إلى متعلق يتعلق به؛ لأن الباء هنا حرف جر أصلي، وأما الزائد والشبيه بالزائد فلا متعلق لهما البتة.
وشبيه الزائدة نحو: رُبَّ رجل كريم لقيته، فرجل: مبتدأ، ولا أثر لـ (رُبَّ) لأنها في حكم الزائد ولا تتعلق بشيء، لا أثر لها من حيث إخراج المبتدأ عن أصله، وحينئذٍ رجل نقول: هذا مبتدأ ومرفوع بالابتداء، ورُبَّ الموجودة هذه قالوا: لا اعتبار لها؛ لأنها لم تتعلق بمتعلق يؤثر في خروج المبتدأ عن كونه مبتدأً بل هو باق على أصله.
مخبراً عنه أو وصفاً رافعاً لمستغنىً به، هذا بَيَّن فيه نوعي المبتدأ، أن المبتدأ قسمان: مبتدأ له خبر، ومبتدأ ليس له خبر، وإنما له فاعل أغنى وسد مسد الخبر.
مخبراً عنه أي: محدثاً عنه، فالإخبار لغوي وليس المراد به المعنى الاصطلاحي.
أي: محدثاً عنه، فالإخبار لغوي لا مذكوراً بعده خبره الاصطلاحي للزوم الدور لأخذ كل منهما في تعريف الآخر، لأنه إذا قلنا بأن المراد به الخبر هنا إذاً ما هو الخبر؟ الخبر هو الجزء المتم الفائدة مع المبتدأ. ما هو المبتدأ؟ هو الاسم العاري إلى آخره مخبراً عنه، فيبقى ماذا؟ الدور، لا نفهم المبتدأ إلا إذا فهمنا الخبر، لكن إذا جعلنا الخبر هنا في هذا التعريف الخبر اللغوي حينئذٍ لا دور.
مخبراً عنه أو وصفاً مخرج لأسماء الأفعال بعد التركيب والأسماء قبل التركيب، رافعاً، يشمل الفاعل نحو: أقائم الزيدان، أو نائبه: أمضروب العبدان. أقائم الزيدان: هذا مبتدأ، وهو النوع الثاني. قائم: اسم وصف كما سيأتي، والزيدان هذا فاعل سد مسد الخبر.
إذاً: مبتدأ ليس له خبر، وإنما له فاعل، وهذا الفاعل أغنى واكتفينا به عن طلب الخبر، وكذلك: مضروب العبدان، مضروب: هذا اسم مفعول، فيفتقر إلى نائب فاعل، والعبدان هذا نائب فاعل أغنى عن الخبر وسد مسد الخبر، يعني: أفاد الجملة فائدة تامة وإن لم يكن ثَمَّ خبر لوجود هذا المرفوع.