(وَفِي غَيْرِهِمَا) يعني: في غير النداء والإضافة، (قَدْ تَنْحَذِفْ) وهذا للتقليل، أفاد التقليل.

قال ابن عقيل: من أقسام الألف واللام أنها تكون للغلبة، سمّاها للغلبة، نحو: المدينة، والكتاب، فإن حقهما الصدق على كل مدينة، وعلى كل كتاب، لكن غَلَبت المدينة على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، والكتاب على كتاب سيبويه رحمه الله، حتى إنهما إذا أُطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما.

وحُكْم هذه الألف واللام أنها لا تحذف إلا في النداء، أو الإضافة، بل هو واجب، لا تحذف إلى في كذا، يعني: يجب حذفها مع المنادى، والإضافة، فتقول: يا صَعِقُ! هذه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب حذفُها مع الإضافة، نحو: يا صَعِقُ! في الصعقِ، وهذه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تحذف في غيرهما شذوذاً، سُمِع من كلامهم: هذا عَيُّوقُ طالعاً، عَيُّوق لم يضف ولم ينادَى، والأصل فيه: العَيُّوْق: وهو اسم نجمٍ، حينئذٍ العيوق: الأصل أن يبقى بـ (أل)؛ لأنها للغلبة، صار علماً بالغلبة.

قال: هذا عيوق طالعاً، لم يُضَفْ ولم ينادَى، فحذفت (أل)، حينئذٍ نقول: هذا الحذف شذوذ ولا يقاس عليه، وقد يكون العلم بالغلبة أيضاً مضافاً كابن عمر، وابن عباس؛ فإنه غلب على العبادلة دون غيرهم من أولادهم، وإن كان حقُّه الصدقَ عليهم، لكن غلب على هؤلاء حتى إنه إذا أطلق ابن عمر لا يفهم منه غير عبد الله، وكذا ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وهذه الإضافة لا تفارقه لا في نداء، ولا في غيره، يا ابن عمر!

ولذلك قال:

وَحَذْفَ أَلْ ذِي إِن تُنَادِ أَو تُضِفْ ... أَوْجِبْ .................

وأما المضاف فمع المنادى .. ولو أضيف إلى غيره نقول: هذا يبقى على أصله، فهو علم بالغلبة، وباقٍ على أصله، (وَقَدْ يَصِيرُ عَلَماً بِالْغَلَبَهْ) (يصير) مفهومه أن العلمية طَرَأَتْ عليه، وأن التعريف بالإضافة والأداة سابق للعلمية.

(مُضَافٌ أوْ مَصْحُوبُ ألْ) لهذين النوعين، وهما نوعان للعلم بالغلبة، ثم بيَّن أن حذف (أل) من العَلَمْ بالغلبة يجب إذا نُودِيَت الكلمة، أو أُضيفت، وأما إذا لم يكن كذلك فالحذف يكون شاذاً، والله أعلم.

بهذا انتهى كلام المصنف في الأحكام الإفرادية، قلنا: من أول قوله: كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ إلى هنا: وَحَذْفَ (ألْ) هذه مقدمة، المعارك تبدأ من قوله: (مبتدأٌ زيدٌ) التطبيق النحوي؛ الأحكام التركيبة تبدأ من قوله: (مبتدأٌ زيدٌ) أما قبله كله تمهيد.

وصلى الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015