وَالَّذِينَ ثُمَّ اللاَّتِ: ذكر المصنف في هذين البيتين أن الألف واللام تأتي زائدة وهي في زيادتها على قسمين: لازمة وغير لازمة، وغير اللازمة هذه نادرة، ثم مثَّل للزائدة اللازمة بـ (اللاتي): وهو اسم صنمٍ كان بمكة، وبالآن وهو ظرف زمان مبني على الفتح، واختلف في الألف واللام الداخلة عليه، فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور، كما في قولك: مررت بهذا الرجل؛ لأن قولك (الآن) بمعنى هذا الوقت، إشارة إلى الوقت الحاضر، وعلى هذا لا تكون زائدة، وذهب قوم منهم المصنف إلى أنها زائدة، وهو مبني لتضمنه معنى الحرف وهو لام الحضور، ومثَّل أيضاً بالذين واللاتي، والمراد بهما ما دخل عليه (أل) من الموصولات على التفسير الذي ذكرناه سابقاً.
وأما غير الزائدة فأشار إليه بقوله: (ولاضطرارٍ) يعني: في الشِّعر، يعني: تُزاد زيادة غير لازمة لاضطرار، يعني: لسبب ِأو لأجلِ اضطرار في الشعر، (كبنات الأوبرِ).
وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وَعَسَاقِلاً ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الأَوْبَرِ
الأصل: بنات أوبر، بدون (أل)، وهو عَلَم على ضربٍ من الكمأة رديء، بنات الأوبر لأجل الوزن أدخل (أل) بين المضاف والمضاف إليه، حينئذٍ نقول: الأوبر هذا محلىً بـ (أل)، و (أل) هذه زائدة وليست بمعِّرفة؛ لأن أوبر هذا علم.
وذهب المبرِّد أن (بنات أوبر) ليس بعلم، وإذا لم يكن علم حينئذٍ (أل) تكون عنده معرِّفة غير زائدة، أصلية.
(كَذَاَ وَطِبْتَ الَّنفْسَ) يعني: مثل ذلك الاضطرار، والحكم بزيادتها إذا دخلت (أل) على التمييز، وهو واجب التنكير عند البصريين بخلاف الكوفيين.
(وَطِبْتَ الَّنفْسَ يَا قَيْسُ) كما جاء في قول القائل:
رأيتُك لما أنْ عرفتَ وُجوهَنا ... صَدَدتَ وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ عَنْ عَمْروِ
(وَطِبْتَ النَّفْسَ) وطبت نفساً، اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، نقول: هذا مثله، وطبت نفساً: هذا تمييز، والأصل فيه أنه نكرة كما سيأتي، وعلى مذهب الكوفيين من جواز وقوع التمييز معرفةً؛ (أل) حينئذٍ لا تكون زائدة.
كَذَاَ وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ السَّرِي، (السَّرِي) هذا الشريف تتميم للبيت، وليس من أصل التعريف.
إذاً الزائدة نقول: إما لازمة كالتي في علمٍ وقارنت وضعه، هكذا قيَّده ابن هشام في التوضيح، كاللاتي والعُزى واليسع، أو في إشارة: وهو الآن وفاقاً للزجَّاج والناظم، أو في موصولٍ وهو (الذي) و (التي) وفروعهما؛ لأنه لا يجتمع تعريفان، هذه العلة في الحكم على (أل) بأنها زائدة.
وهذه معارفٌ بالعلمية في (اللاتي)، والإشارة في (الآن)، والصلة في (الذين) ثم (اللاتي)، وإما عارضة، إما خاصة بالضرورة كـ (بنات الأوبر)، و (طبت النفس)، وإما للمح الأصل كما سيأتي.
قال رحمه الله تعالى:
وَبَعْضُ الاَعْلاَمِ عَلَيْهِ دَخَلاَ ... لِلَمْحِ مَا قَدْ كَانَ عَنْهُ نُقِلاَ
كَالفَضْلِ وَالْحَارِثِ وَالنُّعْمَانِ ... فَذِكْرُ ذَا وَحَذْفُهُ سِيَّانِ
وَبَعْضُ الاَعْلاَمِ: لا كل الأعلام.
بَعْضُ الاَعْلاَمِ هذا مبتدأ.
دَخَلاَ: خبر.