مَا أَنْتَ بالْحَكَمِ التُّرْضَى: قلنا: ضرورة عند الجمهور، وفرق بين الضرورة عند الجمهور وعند ابن مالك -رحمه الله تعالى-، ولذلك اختلفا في هذا المصدق. فالضرورة عند الجمهور: أنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر. هذا عام جداً، مهم هذا، أنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر، إذاً: لا يشترط فيه قضية انكسار الوزن وعدمه، اضطر إليه بالتنوين لـ (أل) إلى آخره، ليس هذا المراد بالضرورة عند الجمهور، وقد نص على ذلك الصبان والسيوطي في همع الهوامع: أنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر، يعني: يعاب في النثر أن يؤتى بـ (أل) مع الفعل المضارع، فإذا وقع في الشعر ما لا يستساغ نثراً حكمنا عليه بأنه ضرورة، ولا ننتظر أو ننظر إلى كونه انكسر الوزن أو لا.

أما عند ابن مالك: ما اضطُر إليه الشاعر ولم يجد عنه مندوحاً، وضُعِّفَ مذهبه -مذهب ابن مالك رحمه الله-؛ بأنه ما من ضرورة إلا ويمكن إزالتها بنظم تركيب آخر، ما من ضرورة إلا ويمكن أن ينفك عنها بماذا؟ يغير البيت مباشرة، بدلاً من أن يضطر فيقع فيما هو محذور حينئذٍ يأتي ببيت آخر. فالضرورة عند الجمهور أعم من الضرورة عند ابن مالك -رحمه الله تعالى-.

وقد شذ وصل الألف واللام بالفعل المضارع، هكذا حكم ابن عقيل حكم عليه بأنه شاذ، وإذا كان شاذاً حينئذٍ لا يقاس عليه ولا يقال في النثر بدخول (أل) على الفعل المضارع.

وإليه أشار بقوله:

وَكَوْنُهَا بِمُعْرَبِ الأَفْعَالِ قَلَّ

ليس الأمر كذلك كما قال ابن عقيل، وإنما مراد ابن مالك بكونه قَلَّ: ليس بالشاذ، وإذا كان كذلك صار لغة عندهم، ولذلك كما قال كثير ممن شرح الألفية على أن ابن مالك رحمه الله يرى أن (أل) الموصولية لا تكون علامة للاسمية، وهذا دليل على أن قوله: (قَلَّ) ليس المراد به أنه شاذ، وإنما سمع في أبيات ليست قليلة عنده وحينئذٍ حكم بصحة دخول (أل) الموصولية على الفعل في الشعر خاصة، فإذا كان كذلك صار لغة، وما صار لغة لا يحكم عليه بالشذوذ، ولذلك قال ابن عقيل: وهذا عند جمهور البصريين مخصوص بالشعر، وزعم المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يختص به بل يجوز بالاختيار، بل هو مراده في هذا البيت، ليس في غير هذا الكتاب بل هو مراده في هذا البيت.

وجاء وصلها بالجملة الاسمية لكنه شاذ. وصلت (أل) بالجملة الاسمية كما توصل (الذي، والتي).

قلنا:

وَجُمْلَةٌ أَوْ شِبْهُهَا الَّذِي وُصِلْ بِهِ

جملة يشمل الجملة الاسمية والجملة الفعلية. هل يكون موصول (أل) أو صلة (أل) جملة اسمية؟ الجواب: لا، وإن سمع من ذلك حينئذٍ نحكم عليه بأنه شاذ.

فمن الأول قول الشاعر:

مِنَ الْقَوْم الرَّسُولُ الله مِنْهُمْ ... لَهُمْ دَانَتْ رِقَابُ بَنِي مَعَدِّ

مِنَ الْقَوْم الرَّسُولُ الله، يعني: الذين رَّسُولُ الله مِنْهُمْ. رَّسُولُ الله هذا مبتدأ، ومِنْهُمْ: خبر. و (أل) هنا في معنى الذين، لأنه قال: مِنَ الْقَوْم، فدل على أن (أل) هنا بمعنى الذين، و (أل) لا شك أنها تأتي بمعنى المفرد، وتأتي بمعنى المثنى وبمعنى الجمع.

مِنَ الْقَوْم الرَّسُولُ الله مِنْهُمْ يعني: الذين رَّسُولُ الله مِنْهُمْ.

وكذلك توصل بالظرف شذوذاً، كقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015