إذاً: الهجاء هو التقطيع .. تقطيع الكلمة من أجل معرفة أجزائها التي تألفت منها وهي الحروف، على بعض لا على كل، الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، مهملاً كان أو مستعملاً، مهملاً كان أو مستعملاً، يعني: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية قد يكون مهملاً، والمهمل اسم مفعول من: أهمل، أو: يهمل، أَهْمَلَ أو أُهمِلَ يُهْمَلُ، أيهما المراد؟ أُهمِلَ يُهْمَلُ فهو مُهْمَل، حينئذٍ نقول: المهمل: هو الذي لم تضعه العرب، يعني كما قلنا: ديز مقلوب زيد.

والمستعمل: الذي استعملته العرب كزيد وجعفر وسماء وأرض وجبال ورياح ونحو ذلك، إذاً: اللفظ جنس تحته قسمان: مهمل، ومستعمل، وحقيقة اللفظ: هو الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، ثم ذكر النوعين لأقسام اللفظ وهو المهمل والمستعمل.

حينئذٍ يرد إشكال: وهو أننا أخذنا اللفظ جنساً في حد الكلام، وقلنا: ما تخلف عنه اللفظ، هذا الشرط وهذا القيد لا يسمى كلاماً .. ليس بكلام، يرد معنا: قم، هذا كلام أو لا؟ كلام لا شك؛ لوجود الفائدة التامة، والفائدة التامة تستلزم التركيب، وإذا كان كذلك: اسكن وقم، هل هذا مركب أو لا؟ من فعل وفاعل، أين الفعل؟ قم، أين الفاعل؟ مستتر، هل هو ملفوظ به؟ .. تخلف عنه اللفظ؟ تخلف عنه اللفظ، في الظاهر أنه تخلف عنه اللفظ، قالوا: لا بد من إدخاله في الحد.

فنقول: المراد بالصوت هنا مطلق الصوت، فيشمل نوعين: الصوت المصوت بالفعل حقيقة والإيجاد والنطق به.

والصوت المصوت بالقوة، ليشمل الضمائر المستترة واجبة الاستتار؛ لأنها ليست ملفوظاً بها، ولكن العرب أرادتها معنىً وقصدتها قصداً بدليل ماذا؟ بدليل ثلاثة أمور:

أولاً: الإسناد إليها، أسندت إليها، اسكن: هذا طلب السكون، قم: هذا طلب القيام، هو فعل وحدث، هل يتصور وجود حدث بدون محدث؟ الجواب: لا، إذاً: هو مقصود من جهة المعنى.

ثانياً: أكدته، اسكن أنت: أنت: هذا إعرابه توكيد، توكيد لأي شيء، لشيء عدم أو لشيء موجود؟ الثاني ولا شك، إذ العدم لا يؤكد؛ لأنه ليس بشيء، فإذا كان ليس بشيء لا يمكن أن يكون قوله: أنت تأكيد له؛ لأنه عدم محض، لكن لما كان له وجود حينئذٍ صح تأكيده.

الثالث: العطف عليه، اسكن أنت وزوجك، الواو: حرف عطف، وزوجك: معطوف على الضمير المستتر، وليس على أنت، أنت: توكيد، وزوجك: هذا بالرفع، عطف على الضمير المستتر، ثم هو مرفوع، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، فحكمه الرفع، إذاً قوله: الصوت يشمل النوعين، فيكون اللفظ له أفراد محققة موجودة منطوق بها، وله أفراد مقدرة، وهذا المقدر المراد به الذي لا يمكن النطق به .. يتعذر أن ينطق به، وإنما استعارت العرب له أنت ونحوه من أجل تقريب المعنى والتدريب فقط، وليس المراد أنه مصور له من كل وجه، واضح هذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015