ثم لما ذكر (ذين) و (تين) أعاد العلة للجميع وتعويضٌ بذاك التشديد، في كلٍ من الكلمات الأربعة السابقة قصدا، تعويض مبتدأ، وقوله: قُصِدا: الألف للإطلاق هذا الجملة خبر، وبذاك جار ومجرور متعلق بقوله: قُصِدا، وهذه كما قلنا لُغة تميم، وقيل بل التشديد لتأكيد الفرق بين تثنية المُعرب وتثنية المبني، يعني: من أجل أن نُفرق بين المثنى في كونه معرباً وفي كونه مبنياً، لكن هذا فاسد لماذا؟ لأنه لو كان كذلك لكان الأكثر هو التشديد، ونحن ذكرنا أن اللغة الفصحى هي أن تكون النون كنون المثنى.
وتعويضٌ بِذَاكَ قُصِداً:
قال الشارح: وأما الموصول الاسمي فالذي للمفرد المذكر، والتي للمفردة المؤنثة، فإن ثنيت أسقطت الياء وأتيت مكانها بالألف في حالة الرفع، نحو اللذان، واللتان، وبالياء في حالتي الجر والنصب، فتقول اللذين، واللتين، وإن شئت شددت، يعني: ليس واجباً وإنما هو لغةٌ، حينئذٍ أنت مُخير شددت النون عوضاً عن الياء المحذوفة هذا رجح أنه من باب التعويض عن الياء المحذوفة، وليس فرقاً بين تثنية المبني والمعرب نحو اللذان واللتان، فتقول اللذين واللتين.
وهذا كما ذكرنا مُتفقٌ عليه في الرفع، ومختلف فيه في النصب والجر، وإن شئت شددت النون عوضاً عن الياء المحذوفة فقلت اللذانِّ واللتانِّ، فقد قُرأ قراءة سبعية ((وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا)) [النساء:16] بالتشديد، ويجوز التشديد أيضاً مع الياء وهو مذهب الكوفيين والبصريون على المنع، والصواب مذهب الكوفيين، فتقول اللذينِّ بالتشديد، واللتينِّ، وقد قرأ ((أَرِنَا الَّذَيْنِّ أَضَلَّانَا)) [فصلت:29] بالكسر، وهذا التشديد يجوز أيضاً في تثنية ذا وتا اسمي إشارة، تقول: ذانِّ وتانِّ، وكذلك مع الياء وهو مذهب الكوفيين والمقصود بالتشديد أن يكون عوضاً عن ألف المحذوفة كما تقدم في الذي والتي، قُرأ ((فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ)) [القصص:32] ((إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ)) [القصص:27] بالتشديد فيهما ... والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ... !!!