بل ما تَلِهِ أَولِه العلامة: كان القياس أن يقال اللذيانِ، واللتيانِ، واللذَيينَ، بفتح الذال مع ياءين هذا الأصل، واللذيين الياء الأصلية الذي وياء التثنية، واللتيين، هذا الأصل فيها قياساً، بإثبات الياء ولكن لسكون الياء في الذي والتي اجتمعا ساكنة مع العلامة، فحذفت لالتقاء الساكنين، فالذي الأصل فيه أنه كالقاضيان، بإثبات الياء، وذا وتان كما سيأتي كالفتيان، بقلب الألف ياء، لكنهم فرقوا بين تثنية المبني، والمعرب، هكذا قيل.
يعني: لماذا لم يجروا على المشهور من إبقاء ياء الذي والتي؟ قالوا تفرقة بين المثنى والمعرب، هذا فيه نظر.
والنُّونُ إِنْ تُشْدَدْ فَلا مَلامَهْ: تُشدد مماذا؟ من قولك اللذانِ، واللتانِ، هذا مسموع من القرآن: (واللذانَّ، واللتانَّ، واللذينِّ، واللتينِّ) بتشديد النون، لكن الأفصح هو بقاؤها كما هي مع كسرها، ثم تأتي اللغة الثانية وهي تشديدها، فاللذان واللتان فيها ثلاث لغات: ثبوت نونها مكسورة مخففة: كنون المثنى وهي الأصل وهي الفصيحة وهي الغالب حتى في القرآن يقال: اللذان واللتان، واللذين، واللتين، يعني بقاء النون كما هي ومكسورة كنون المثنى، ثبوتها مكسورة مخففة دون تشديد، كنون المثنى، وهذه أفصح اللغات وهي الأصل.
ثانياً: ثبوت النون مشددة مكسورة: اللذانِ، اللتانِ، نقول هذه ثابتة قرأ بها في السبع.
ثالثاً: حذف النون تخفيفاً: تحذف النون، اللذا، اللتا، كما ذكرناه في اللذين هناك، تحذف النون، لكن ما يحمل عليها القرآن والله أعلم أنه ما يحمل عليها القرآن.
اللغة الثالثة حذف النون تخفيفاً سبب طول الموصول بالصلة والعائد. سُمِع
أَبَنِي كُليب إنَّ عَمَّيَّ اللَّذا ... قَتَلا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلالا
إنّ عمي اللذ: اللذان: فككا أو قتلا الملوك، وسُمع كذلك:
هُما اللتا لو ولدت تميمُ: هما اللتانِ حذفت النون.
إذاً اللغة الثالثة دون الاثنتين السابقتين الاثنتان واقعتان في القرآن، الأولى هي الأفصح وهي كثير، والثانية مقرون بها في السبع.
والنُّونُ من مثنى الذي والتي إنْ تُشْدَدْ: يعني تُضَعَّف حينئذٍ اختلفوا أي النونين هي الزائدة؟ المشهور أنه الثانية، إنْ تُشْدَدْ فَلا مَلامَهْ: على مشددها لا عَتب، لأنه وافق لغةً، وكل من وافق لغةً وخاصة جاء القرآن بها فلا ملامة، لا يعتب عليه إلا الجاهل، كلما ورد القرآن به فالنطق به فصيح ولا شك، ولو خالف المشهور حينئذٍ يكون وجوده في القرآن من باب ماذا؟ فصيح وأفصح، كما يقال صحيح وأصح، وإنما يقال الكثير جداً هو: الأفصح.
والنُّونُ إنْ تُشْدَدْ فَلاَ مَلامَهْ: على مشددها وهو في الرفع متفق عليه بين الكوفيين والبصريين، اللذانَّ، هذا متفق عليه، واللتانَّ، يعني بعد الألف، وأما بعد الياء فمختلف فيه جوزه الكوفيون ومنعه البصريون، والصحيح الجواز, لوروده في القرآن، قرأ به في السبع، فدل على أنه مقروء به فإذا كان كذلك حُجة صار على البصريين، يمنعون لأي سبب غريب هذا.