فتنظر في الخبر إما أن يكون مشتقاً، وإما أن يكون جامداً، مشتقاً مثل ماذا؟ عَجِبْتُ أن زيداً قائمٌ، أن زيداً: هذا اسمها، قائمٌ: هذا خبر أن وهو مشتق أو يكون جامداً، عَجِبْتُ أن زيداً أخوكَ، أخو: هذا جامد أو مشتق؟ نقول: هذا جامد، إن كان مشتقاً حينئذٍ نأخذ المصدر -مصدر الخبرِ- فنضيف إليه الاسم، عجبت من قيام زيدٍ، ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا)) [العنكبوت:51] أو لم يكفهم إنزالنا، عجبت من أن زيداً قائمٌ، يعني: عجبت من قيام زيدٍ، جئت بالمصدر –مصدر الخبر- وهو مشتق، وأضفته إلى اسم أن، وأما إذا كان جامداً حينئذٍ ليس لك إلا أن تأتي بالكون مضافاً إلى اسم أن، عجبت من أن زيداً أخوك، عجبتُ من كون زيدٍ، وجئت بالخبر ونصبته على أنه خبر لكان، عجبت من كون زيدٍ أخاك.

لو كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً، عجبتُ من أن زيداً عندك، أو عجبت من أن زيداً في الدار، المشهور أنه أيضاً يأتي بالكون، عجبت من كون زيداً في الدار، المراد به الكينونة، عجبت من كون زيدٍ عندك، وبعضهم يرى أن الذي يُضاف هنا ليس هو الكون وإنما هو لفظ الاستقرار، لأن الجار والمجرور والظرف هذان متعلقان بـ (استقر) عجبت من استقرار زيدٍ عندك، عجبت من استقرار زيدٍ في الدارِ.

إذا أن توصل بالجملة الاسمية بعدها، حينئذٍ تؤول بمصدر لأنها في قوة المفرد، وإذا أردنا أن نأخذ المصدر ننظر إلى خبرها إما أن يكون جامداً وإما أن يكون مشتقاً، إن كان مشتقاً، حينئذٍ جئنا بالمصدر مضافاً إلى اسم أن، عجبت من أن زيداً قائمٌ، عجبت من قيام زيدٍ، قيام: هو مصدر قائم، وزيدٍ الذي أضفناه إلى قيام هو اسم أن.

وإن كان جامداً يعني لا مشتقاً، يعني: دالاً على ذات فحسب أو معنى فحسب حينئذٍ نأتي بلفظ الكون، مصدر كان.

وكَوْنُكَ إيَّاهُ عَلَيكَ يَسِيرُ

فنضيف إلى اسم أن ونأتي بالخبر منصوباً على أنه خبر للكون، عجبت من أن زيداً أخوك، عجبت من كون زيدٍ أخاك، ومثله في الجار والمجرور على المشهور، عجبت من كون زيدٍ في الدارِ، لأن الكينونة مثل الاستقرار لا فرق بينهما، ولذلك يُقدر كائن أو مستقر، لا بأس به، وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أوْ بِحَرْفِ جَرْ ... نَاوِينَ مَعْنَى، فإذا كان كذلك حينئذٍ لا بأس بأن يقال بأنه يأتي بالكون مطلقاً، وهذا من باب الضبط أسهل.

عجب من كون زيدٍ في الدار، عجبت من كون زيدٍ عندك، عجبت من استقرار زيدٍ في الدار، أو استقرار زيد عندك، إذاً هذا النوع الثاني وهو الموصول الحرفي الثاني وهو (أن) وتوصل باسمها وخبرها، و (أن) المخففة كالمثقلة وتوصل باسمها وخبرها لكن اسمها يكون محذوفاً واسم المثقلة مذكوراً، يعني: يستوي (أن) سواء كانت مخففة أو مثقلة في كونها تؤول مع ما بعدها بمصدر، إلا أن اسم المثقلة يكون مذكوراً هذا الأصل ولا يجوز حذفه، وأما المخفف فلا يجوز ذكره، عكسها، وإنما يكون ضمير، ضمير الشأن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015