هذا ما يتعلق بالجمع، بـ (أُلى) أشر لجمع، أشر بـ (أُلى) لجمع، وعرفنا أن الجمع ما دل على اثنين فأكثر هذا هو الأصل من حيث ماذا؟ من حيث المعنى اللغوي، لكلمة جمع، لكن المراد هنا ليس الجمع اللغوي، وإنما الجمع الاصطلاحي، يعني: جمع المذكر، أو جمع المؤنث، لأنه قال: مطلقاً، يعني: سواء كان مذكراً أو مؤنثاً، وسواءً كان عاقلاً أم غير عاقلٍ.
وبـ (أُلى) ذكره مقصوراً، يعني: قصر دون مد، وهو لغة تميم، ثم قال:
والمد (أُلائي) (هؤلاء) هذا مد (لأُلى) (أُلى) بالقصر بدون همزة و (أُلائي) هذا بالمد.
القصر لغة بني تميم، والمد لغة الحجاز، وهو أولى، المَدُّ أوْلَى، المد فيه أولى من القصر، لأنه لغة الحجاز وبه جاء التنزيل: ((هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ)) [آل عمران:119] ((هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ))، فُصِل بين هاء التنبيه واسم الإشارة وهو جائز كما سيأتي.
(أُوْلاءِ) قال: ((تُحِبُّونَهُمْ)) [آل عمران:119] إذاً بُني على الكسر إذا مُد قيل (أُلاء) الألف هذه ساكنة، جيء بالهمزة الأصل أنه مبني وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أنْ يُسَكَّنَا، إذاً التقى ساكنان، حينئذٍ نحرك الثاني الذي هو الهمزة بالكسر على أصله للتخلص من التقاء الساكنين قيل: هؤلاء، أُلاء، نقول: مبني على الكسر على حسب موضعه إما مبتدأ أو غير ذلك.
إذاً وبـ (أُلى) أشر، أشِرْ بـ: (أُلى) -بلفظ (أُلى) - مقصوراً لجمعٍ مطلقاً مذكراً أو مؤنثاً فهو مشترك، -لفظ مشترك-، والقصر فيه لغة تميم، والمد لغة الحجاز وهو أولى من القصر وحينئذٍ يبنى على الكسر لالتقاء الساكنين ورجحناه وقلنا أولى، لمجيء القرآن به، فإذا جاء شيء في القرآن صار أعلى أعلى أعلى الفصيح، ولو مرة واحدة لا يشترط أنه يأتي في البقرة وآل عمران والنساء ... الخ حتى نقول هذا مطرد، ولو مرة واحدة كلمة واحدة جاءت نقول هذا أفصح الفصيح.
وإذا كان ثم اصطلاح للنحاة لا يخالف هذا أن نقول هذا شاذ أو هذا زائد أو نحو ذلك ليس فيه تعارض؛ لأن هذا مجرد اصطلاح لمِاَ قعده النحاة فحسب، يحكمون على هذا اللفظ كونه شاذاً أو لكون هذا اللفظ غير شاذ، هذا نادر، هذا قليل، هذا ضعيف، هذا له أصل، هذا مهجور، أصله مهجور، كل هذه المصطلحات عند النحاة قد يجيء بعضها في القرآن، أما الشاذ واستعمالاً، هذا محل وفاق –إجماع-، إجماع لا يوجد في القرآن البتة، الذي هو يسمى في الأصل المهجور، الذي لم يأتِ إلا لفظ واحد عن العرب، وما كان لسائر المنقول عنهم مخالفٌ لهم، كما ذكرنا في المثال السابق، فإنه أهلٌ لأن يُكرم، هذا أصل مهجور لا يأتي به القرآن البتة، بل لا يتكلم به إنسان شم رائحة الفصاحة، لأن الأصل المطرد، هو: فإنه أهل لأن يكرم، هذا هو.
إذاً كونه أولى -المد أولى- لماذا؟ لأنه جاء في القرآن وأما القصر فهو لغة بني تميم لم يرد في القرآن.
قال الشارح: يشار إلى الجمع مذكراً كان أو مؤنثاً بـ (أُلى) ولهذا قال المصنف:
أشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا: والإطلاق هنا مراده به مؤنث أو مذكر، يعني ليس رفعاً ونصباً وجراً كما قد يأتي في بعض المحال، يشار إلى جمعٍ مذكراً كان أو مؤنثاً بـ (أُُلى) ولهذا قال المصنف: