إذاً ألف (ذا) نقول هي أصلية وهذا هو الصواب وهو مذهب البصريين، ثم اختلف البصريون هل هي منقلبة عن واو أو عن ياء؟ لماذا لا نقول هي أصلية؟ لأنه لا يوجد كلمة من ثلاثة أحرف فيها ألف وهي أصلية، لابد وأنها منقلة عن واو أو ياء، لا يوجد باستقراء حكم عام عند الصرفيين أن الكلمة إذا كانت مؤلفة من ثلاثة أحرف، نقول هذه الألف قطعاً ليست أصلية، ولا نحكم عليها بأنها زائدة وإنما هي منقلبة عن أصلٍ وهذا الأصل لا يخلوا من حرفين، إما واو وإما ياء، قال، قال: هذا مؤلف من ثلاثة أحرف، مباشرة تحكم أن الألف هذه ليست أصلية بل هي منقلبة عن واو أو ياء، القول ويقول، نقول: هذا الفعل المضارع والمصدر يدل على أن هذه الألف منقلبة عن واو، إذاً قال: أصله: قول، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها فَقُلِبت الواو ألفاً.
دعا: اللام هذه، دعا، ثلاثة أحرف، مباشرة نحكم أن هذه اللام الأخيرة –الألف- ليست أصلاً لأنه لا يوجد عندنا كلمة ثلاثة أحرف وتكون الألف فيها زائدة، لابد أن تكون أصلية، ومعنى أصلية: أنها منقلبة عن ثلاثة أحرف ولا تكون أصلية بمعنى أنها لا تكون أصلية بذاتها، تعبيران صحيحان.
حينئذٍ دعا من الدعوة، دعا أصله دَعَوَ، وقيل مما هو واوي، ويائي، أثبته ابن مالك رحمه الله تعالى في منظومته (الواوي واليائي)، (دعا، دعَوَ، دعَيَ)، زاد فيه الوجهين، حينئذٍ دعا، دعوَ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً صار (دعا) ومثله: باع، أصل بَيَعَ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفاً.
إذاً (ذا) نقول هذه الألف ليست أصلاً، فقيل هي منقلبة عن واو، وقيل منقلة عن ياء.
وألف (ذا) منقلبة عن ياء أو واو عند البصريين فاتفقوا على أنها منقلبة عن أصلٍ واختلفوا في هذا الأصل فقيل عن ياء بتصغيره على (ذَيَّ)، (ذيّ) تصغير (ذا) هذا دل على أن (ذا) الألف هذه منقلبة عن ياء، لأن (ذيّ) الياء هذه مشددة، أليس كذلك؟ (ذيّ) ياء التصغير وياء أخرى، ياء التصغير، والياء الثانية المُدغم فيها، والياء الأولى هذه من أين جاءت؟ نقول: التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، التصغير والجمع والتثنية كلها ترد الأشياء إلى أصولها، فإذا كان عندنا حرف منقلباً عن حرف آخر ثنِّه أو اجمعه أو صغره حينئذٍ يرجع الأصل، لما قلنا (ذيّ) راحت الألف أين ذهبت؟ رجعت إلى أصلها وهي الياء الأولى المدغمة في الياء الثانية، فدل على أن أصل هذه الألف ياء.
وقيل عن ياء لتصغيره على (ذيّ) ولإمالتها، والإمالة إنما تكون للياء، هذا الأصل، فالعين واللام المحذوفان ياءان، أصلها (ذَيَيَ) على وزن (فَعَلَ)، والله أعلم، وهو ثلاثي الوضع في الأصل وقيل عن واو من باب طويت.
وعند الكوفيين هي زائدة بسقوطها في التثنية (ذان) أين الألف؟ (ذان) الألف هذه ألف التثنية والنون هذه نون التثنية، صارت الكلمة على حرفٍ واحد (ذا) ذهبت الألف الأولى للتخلص من التقاء الساكنين، هذا نرده عليهم.
وعند الكوفيين هي زائدة لسقوطها في التثنية ورد بأنه ليس في الأسماء الظاهرة القائمة بنفسها ما هو على حرف واحد وأما حذفها في التثنية في التقاء الساكنين وقد عوض منها تشديد النون كما سيأتي في محله.