وعلم الجنس كعلم الشخص في حكمه اللفظي -هكذا قال ابن عقيل- وهو ظاهر فتقول: هذا أسامة مقبلاً، كقولك: جاءني زيدٌ ضاحكاً، هل قولك: هذا أسامة مقبلاً كقولك: جاءني زيدٌ ضاحكاً؟ -الكلام في الحال- تجيُ الحال متأخرة من علم الشخص كـ (جاءني زيدٌ ضاحكاً)، وتجيء مع علم الجنس، لأننا نريد أن نطبق الأحكام اللفظية التي تجري على علم الشخص مع علم الجنس، فتقول: جاءني زيداٌ ضاحكاً، ضاحكاً حال من الفاعل وهو زيد وهو علم الشخص، هذا أسامة، أسامة هذا علم جنس، مقبلاً: هذا حال متأخرة، والحال لا تجيء من نكرة، لابد من أن يكون صاحب الحال معرفةً؛ فتمنعه من الصرف وتقول: أسامةُ، للعلمية والتأنيث، ولا تدخل عليه الألف واللام فلا تقل: هذا الأسامة، كما لا تقول: هذا الزيد؛ لأنه علم والعلم معرفة والمعرفة لا تعرَّف، هذا من جهة اللفظ، وهذا هو الذي دلنا على أن العرب فرَّقت بين اسم الجنس -لأنه نكرة- كرجل، وبين علم الجنس، العرب أجرت علم الجنس كأسامة وثُعَالَة مجرى علم الشخص في امتناع دخول (أل) عليه وإضافته ومنع الصرف مع علة أخرى ونعته بالمعرفة ومجيئه مبتدأ وصاحب حال.
وأُجري اسم الجنس كأسد مجرى النكرات -حينئذٍ لزاماً أن يكون ثم فرق لابد من الوصول إليه، وهو: أن علم الجنس مغاير من حيث المعنى لاسم الجنس؛ لأن العرب في الأحكام اللفظية ألحقت علم الجنس بعلم الشخص وألحقت في الأحكام أيضاً اسم الجنس بالنكرة، فثم فرق بين العلم والنكرة- وأُجري اسم الجنس كأسد مجرى النكرات وذلك دليل على افتراق مدلوليهما إذ لو اتحدا معنىً لما افترقا لفظاً.
قال ابن عقيل: وحكم علم الجنس في المعنى كحكم النكرة، من جهة: أنه لا يخص واحداً بعينه فكل أسدٍ يصدق عليه أسامة، -لكن لا ليس حكم النكرة لأن صدق النكرة رجل على زيد مثلاً، نقول: هذا من وضع الواضع، فاستعمل اللفظ فيما وضع له، لكن كل أسد يصدق عليه أسامة، وأسامة لم يستعمل فيما وضع له فرق بينهما فرق بين اللفظين، إذا قلت: هذا أسامة، أسامة يستعمل في كل أسد، كل أسد تراه تقول: هذا أسامة، نقول: استعمال أسامة في الذي رأيته أنت –الفرد- نقول: ليس فيما وضع، لم يوضع للفرد الخارجي لم يلاحظ في الوضع الفرد الخارجي، بخلاف النكرة إن قلت: هذا رجل، هذا رجل، استعمل اللفظ فيما وضع له، فقوله: هنا فيه نظر، لأنه وافقه وأراد أن يشرح كلام ابن مالك رحمه الله تعالى وهذه المسألة أليق بفن المنطق فليرجع إليها-.
ومن جهة أنه لا يخص واحداً بعينه فكل أسد يصدق عليه أسامة، وكل عقرب يصدق عليها أُمُّ عِرْيَطٍ، وكل ثعلب يصدق عليه ثُعَالَةٌ، وعلم الجنس يكون للشخص يعني للأعيان.
مِنْ ذَاكَ أُمُّ عِرْيَطٍ لِلعَقْرَبِ ... وَهكَذَا ثُعَالَةٌ لِلثَّعْلَبِ
مِنْ ذَاكَ: ذاك، المشار إليه هو: علم الجنس، أراد أن يمثل لعالم الجنس لأن بعضه وضع للمألوفات، وبعضه وضع لغير المألوفات.
مِنْ ذَاكَ: أي علم الجنس أعلام وضعت للأعيان، يعني أشياء محسوسة.