ودخل: نحو زيد مسمىً به جماعة، فإنه باعتبار كل وضع يعين مسماه، والشيوع إنما جاء من تعدد الأوضاع وهو أمر عارض، الأصل زيد وزيد وزيد، هذا اسمه زيد وهذا اسمه زيد وهذا اسمه زيد، هل الوضع واحد أو متعدد؟ متعدد، كل لفظ من هذه الألفاظ موضوع لذات مشخصة بالخارج، ثم وضع وضعاً ثانوياً لفظ زيد ليعين مسماه ثم زيد ثم زيد، لو وجد عندنا مائة كلهم اسمهم زيد نقول: هؤلاء ألفاظهم وضعت مرة واحدة أو مائة مرة؟ مائة مرة، لماذا؟ لأننا لو قلنا الوضع متحد فحينئذ صار اللفظ مشتركاً من حيث الوضع ومن حيث المعنى، فحينئذ لا يعين المسمى إلا بقرينة، فلا يصدق عليه حد العلم، وإنما نقول: الوضع متعدد، فكل لفظ من هذه الألفاظ التي اشترك جماعة في الاسم حينئذ كل لفظ من هذه الألفاظ وضع وضعاً مستقلاً عن الآخر، إذاً لا اشتراك، فدخل في قوله: يُعَيِّنُ المُسَمَّى.
ولا يخرج بقوله: مطلقاً؛ لأنه وإن احتاج إلى قرينة في تعيين مسماه من وصف أو إضافة أو نحوهما، لكن ذلك الاحتياج عارض لا بالنسبة إلى أصل الوضع كبقية المعارف، يعني إذا قيل: زيد يعين المسمى، هو مشترك بينه وبين غيره، قلنا: الوضع متعدد، مطلقاً أخرج ما عين المسمى بقرينة، فإذا قلت: جاءني زيد أو محمد وله متعدد حينئذ نحتاج إلى قرينة حتى نميز من الذي جاء، صار كالمحلى بـ (أل) وكالضمير وغيره.
هل يخرج بقوله مطلقاً؟ نقول: لا. لماذا؟ لأن الاحتياج هنا إلى قرينة عارض وليس في أصل الوضع كما هو في المحلى بـ (أل) أو الموصول ونحو ذلك.
اسْمٌ يُعَيِّنُ المُسَمَّى مُطْلَقَاً ... عَلَمُهُ كَجَعَفَرٍ وَخِرْنِقَا
قال السيوطي: العلم ما وضع لمعين لا يتناول غيره البتة، يعني: يشخصه، وحينئذ إذا شخصه لا يحتمل إلا مسماه، فإذا قيل: جاء زيد لا يحتمل إلا واحد شخصاً واحداً، واحتماله لآخر نقول: هذا أمر عارض والأصل فيه التقعيد بأصل الوضع، فخرج بالمعين النكرات، وبما بعده سائر المعارف، فإن الضمير صالح لكل متكلم ومخاطب وغائب، وليس موضوعاً لأن يستعمل في معين خاص بحيث لا يستعمل في غيره، لكن إذا استعمل صار جزئياً، وهذه المعارف بعضهم يرى أنها كلية الوضع جزئية الاستعمال، يعني (أنا) لفظ (أنا) ضمير نقول: هو معرفة وضع ليستعمل في معين، لكن في أصل الوضع إذا قلت: أنا، اختص بي دون غيري أم لغيري أن يستعمله فيقول: أنا؟ منذ أن وضع لفظ (أنا) والأمم كلها تستعملها، أنا أنا أنا، أنت، هو، هي، أنتما، الضمائر كلها على هذا النمط، فحينئذ من حيث أصل الوضع وضع كلياً بحيث يدخل تحته أفراد لا حصر لهم، وهذا الذي يسمى الكلي عند المناطقة، ما لا يمنع العقل من تصوره وقوع الشركة فيه،
فَمُفْهِمُ اشْتِراكٍ الكُلِّيُّ.