عامل الضمير سلني، سل .. عمل في الياء وعمل في ضمير آخر –نفسها-، أعرف منه مقدم عليه، يعني الأول أعرف من الثاني وهو مقدم عليه، وليس مرفوعاً، هذا قيد؛ لأنه إن كان مرفوعاً وجب الوصل (ضربته) وجب الوصل هنا، وهنا سلنيه الضميران ليسا مرفوعين.

ولو كان غير أعرف وجب الفصل تقول: أعطاه إياك، أو أعطاه إياي، أو أعطاك إياي، يجوز هذا وذاك، بل هو رأى الوجوب.

فالوصل هنا أرجح في سلنيه؛ إذ العامل فعل غير ناسخ كهاء سلنيه، ومثَّل بقوله: ((فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ)) [البقرة:137]، ((إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا)) [محمد:37]، ((أَنُلْزِمُكُمُوهَا)) [هود:28].

وإن كان فعلاً ناسخاً -وهو المسألة الثانية- نحو: خلتنيه، فالأرجح عند الجمهور الفصل، أخي حسبتك إياه، عند الناظم الوصل.

إذاً قال ابن عقيل: ما يتعدى إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبراً في الأصل، وهما ضميران نحو: الدرهم سلنيه، الدرهم مبتدأ، وسلنيه تعرب الجملة خبر، فيجوز لك في هاء سلنيه الاتصال نحو: سلنيه والانفصال نحو: سلني إياه، وكذلك كل فعل أشبهه نحو: الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه.

لذا قال: وَما أَشْبَهَهُ، يعني: وكذا كل فعل أشبه سلنيه، وليس الفعل خاص بسلني فحسب، بل المسألة مطردة.

وظاهر كلام المصنف أنه يجوز في هذه المسألة الانفصال والاتصال على السواء، وهو ظاهر كلام أكثر النحويين، وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر. هذه المسألة الأولى.

المسألة الثانية: أن يكون منصوباً بكان أو إحدى أخواتها، أو أن يكون العامل -كما عبر ابن هشام- أن يكون ناسخاً، فيشمل كان ويشمل ظن وأخواتها.

وأشار بقوله: فِي كُنْتُهُ الْخُلْفُ انْتَمَى، إلى أنه إذا كان خبر كان وأخواتها ضميراً فإنه يجوز اتصاله وانفصاله واختلف في المختار منهما فاختار المصنف الاتصال نحو: كنته واختار سيبويه الانفصال نحو: كنت إياه (الصديق كنته وكنت إياه).

الصديق كنتَه يعني: أنتَ، وكنت إياه.

وكذلك المختار عند المصنف الاتصال في نحو: خلتنيه: كل فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل وهما ضميران.

ومذهب سيبويه أن المختار في هذا أيضاً الانفصال نحو: خلتني إياه ومذهب سيبويه أرجح؛ لأنه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم وهو المشافه لهم .. إلى آخر ما قاله.

وهنا لافتة أن الناظم رحمه الله تعالى وافق في التسهيل سيبويه، هنا خالفه في مسألة ووافقه هناك في التسهيل، وافق الناظم في التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال في باب خلتنيه، قال: لأنه خبر مبتدأ في الأصل، وقد حجزه عن الفعل بمنصوب آخر بخلاف هاء كنته، فإنه خبر مبتدءٍ في الأصل، ولكنه شبيه بهاء ضربته في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع، والمرفوع كجزء من الفعل.

إذاً المسألة جائزة بكلا الوجهين إلا أن الترجيح أيهما أرجح، هذه مسألة نظر.

وَقَدِّمِ الأَخَصَّ فِي اتِّصَالِ ... وَقَدِّمَنْ مَا شِئْتَ فِي انْفِصَالِ

هذا يتعلق بالمسألة السابقة أيضاً، ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب، وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب، فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخص من الآخر، تقدم أياً فيها؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015