واحرِصْ عَلَى السُّكونِ في جَعلنَا، ((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا)) [النبأ:10]، ((وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)) [النبأ:11].
نِلْنَا إذاً اللام هذه ساكنة أصلها نال.
الْمِنَحْ: جمع منحة بالكسر وهي العطية.
بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا: أولاً ذكر الرفع ثم النصب ثم الجر ثم عكس في المثال، مثّل للجر أولاً، ثم للذي قبله –للنصب-، ثم للذي بدأ به وهو الرفع، هذا يسمى لف ونشر غير مرتب –مشوش-.
ومما يستعمل للرفع والنصب والجر: الياء، هكذا قال ابن عقيل لكنه مردود، مما يستعمل للرفع والنصب والجر، يعني: يشارك (نا) في كونه يقع في المحال الثلاث الياء، فمثال الرفع: اضربي، ومثال النصب نحو: أكرمني، ومثال الجر نحو: مر بي، لكن هذا سيأتي أنها لا تشبه نا.
وذُكر كذلك (هم) أنها تأتي في المحال الثلاثة رفعاً ونصباً وجراً، وهو باطل، فمثال الرفع: هم قائمون، ومثال النصب: أكرمتهم، ومثال الجر: لهم. وإنما لم يذكر المصنف الياء، وهم؛ لأنهما لا يشبهان (نا) من كل وجه؛ لأن (نا) تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد، ولذلك نقيد (نا) أنها تكون مشتركة بين المحال الثلاث مع اتحاد المعنى والاتصال لا يشاركها غيرها البتة، لا بد أن يتحد المعنى، المعنى واحد ثم هي ضمير متصل.
(الياء وهم) لا يشبهان (نا) من كل وجه؛ لأن (نا) تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد وهو ضمير متصل، -وهذا الذي معنا هذا الذي نريد: أن تكون ضميراً متصلاً ومع هذا أن لا يختلف المعنى، هذا لا يوجد إلا في (نا) - في الأحوال الثلاثة بخلاف الياء فإنها وإن استعمل للرفع والنصب والجر وكانت ضميراً متصلاً في الأحوال الثلاثة لم تكن بمعنى واحداً في الأحوال الثلاثة؛ لأنها في حالة الرفع، للمخاطبة، وفي حالتي النصب والجر للمتكلم نحو لي وإني، إذا فرق بينهما من جهة المعنى، وإن كانت ضميراً متصلاً في الأحوال الثلاثة؛ لأنها ياء لا تنفك لا يستقل بنفسه إلا أن المعنى مختلف، في حالة الرفع: نحو اضربي هي، ضمير متصل مثل: نا، لكن المعنى هنا يخالف لي وإني؛ لأننا لو أردنا مثالاً للياء: ((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا)) [آل عمران:193]، في الجميع هي متصلة، وفي الجميع هي بمعنىً واحد، اضربي لي إني نقول: لا هنا يختلف، اضربي هذا للمخاطبة، إني، لي هذا للمتكلم، كذلك هم؛ لأنها وإن كانت بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة، فليست مثل نا؛ لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل: {هم القوم لا يشقى بهم}، هم نقول: هذا ضمير منفصل، وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل: مررت بهم، وضربتهم، وهذا غلامهم، هذا ضمير متصل.
إذاً: فرق بين الياء وهم ونا، نا نقول مشترِكة بين الثلاث مع اتحاد المعنى والاتصال، وأما الياء فهي متصلة في الأحوال الثلاث إلا المعنى اختلف بين حالتي الرفع والنصب والجر، وهم كذلك في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي حالتي النصب والجر هي ضمير متصل، ففرق بين نا وهذين النوعين.
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ ... كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
وَأَلِفٌ وَالوَاوُ وَالنُّونُ لِمَا ... غاَبَ وَغَيْرِهِ كَقَامَا واعْلَمَا
هذا أراد به أن يبين ما اختص بالرفع فقلنا: هو خمسة:
الألف: قُوْمَا.