وذلك كَالْيَاء: يعني: كالياء جار مجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، كالياء: قلنا مثال للمنصوب.
وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي: يعني من قولك، لا بد من التقدير؛ لأنه أراد الجملة ولم يرد حكايتها، يعني: أراد أن يجعل هذه الجملة طبقاً للمثال الذي ذكره حينئذٍ لا نقول: قصد لفظه لا، إذا قيل قصد لفظه لم يكن فيه مثال امتنع المثال؛ لأن ابني أكرمك إذا قصد لفظه صار علماً فحينئذ صارت كلها كحروف زيد، يعني: لو صار علم، حينئذٍ نقول: لا، لا بد من التقدير من ابني يعني: من قولك: ابني أكرمك يعني: لزيدٍ مثلاً، ابني أكرمك، ابني هذا ضمير متكلم في محل جر، وأكرمك: الكاف هذا ضمير مخاطب منصوب، والياء مثال للمرفوع يعني: ضمير مخاطبة مرفوع، والهاء: للغائب.
من قولك أيضاً: سَليهِ، سلي: الياء هذه فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب مفعول به.
مَا مَلَكْ: يعني: الذي ملك، سليه: (الهاء) مفعول أول، و (ما) مفعول ثاني.
مَا مَلَكْ: اسم موصول بمعنى: الذي، وملك: هذا فعل ماضي.
إذاً: أشار بهذين البيتين إلى أن النوع الأول من نوعي الضمير البارز: هو المتصل، وهو الذي لا يستقل بنفسه، لا يفتتح به النطق، ولا يقع بعد (إلا)، ثم قد يكون مرفوعاً، وقد يكون منصوباً، وقد يكون مجروراً، أي: في محل؛ لأن الضمائر مبنيات، والمبني إعرابه محلي، يعني: المانع من إظهار الإعراب هو جوهر الكلمة وليس الحرف الأخير في الكلمة كما هو الشأن في الإعراب التقديري، ثم فرق بين الإعراب التقديري، والإعراب المحلي، المحلي هذا يتعلق بالمبنيات، والجمل المحكية، والمصادر المنسبكة، ثلاث مواضع لها: المصادر المنسبكة كما سيأتينا، والجمل المحكية كما قلنا: لا حول ولا قوة إلا بالله، والذي معنا: المبنيات نقول: هذا إعراب محلي بمعنى: أن الكلمة بذاتها بجوهرها قام بها مانع ظهور الإعراب.
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
قالت: فعل، حذامي هذا فاعل، وقال: هذا يطلب فاعلاً، حينئذٍ الأصل فيه أن يتسلط على لفظ حذامي، أن يتسلط عليه يعني: يرفعه ويُصَيِّر آخره مرفوعاً ورفعه ضمة، إذا قالت حذامُ مثل قالت هند.
فنقول: لما قام بالكلمة بناؤها بالسبب المقتضي للبناء، حينئذٍ صار مانعاً من إظهار ذلك الإعراب في لفظ حذامي، وانتقل إلى المحل، ولذلك نقول: قالت: فعل ماضي، وحذامي: فاعل مرفوع مبني على الكسر في محل رفع -هكذا تقول- لا بأس أن تقول: فاعل مرفوع لا ينكر، فاعل مرفوع، كل فاعل مرفوع لا شك، إما أن يكون مرفوعاً ظاهراً ملفوظاً به، وإما أن يكون مقدراً، وإما أن يكون محلاً، فإذا صرحت به في مثل هذا التركيب لا إشكال.