وبدأ الناظم رحمه الله تعالى بذكر المتصل: وهو الذي لا يستقل بنفسه، الضمير البارز ينقسم إلى قسمين: ضمير بارز متصل، وضمير بارز منفصل.
الضمير البارز المتصل: هو الذي لا يستقل بنفسه، يعني: لا بد وأن يكون متصل بعامله، كتاء قمت.
وأما الضمير المنفصل فهو الذي يستقل بنفسه: كأنا وأنت وهو، هذا منفصل؛ لأنه يستقيل بنفسه ولا يشترط أن يكون متصلاً بعامله.
بدأ بالمتصل فقال:
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالاَ يُبتَدَا ... وَلاَ يَلِي إِلاَّ اخْتِيَاراً أَبَدَا
كَالْيَاءِ وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي أَكْرَمَكْ ... وَالْيَاءِ والهَا مِنْ سَلِيهِ مَا مَلَكْ
وَذُو: وذو أي ضمير.
وَذُو اتِّصَالٍ: يعني المتصل.
مِنْهُ: من الضمير.
مَالاَ: يستقل بنفسه.
هو الذي لا يستقل بنفسه، وهو الذي كذلك لا يصلح لأن يبتدأ به، لا يقع في أول الكلام وإنما يكون تالياً لعامله، قمت: التاء هذا لا يمكن أن يكون أول الجملة، وإنما يكون تابعاً لعامله متصلاً به؛ لأن الضمائر كلها معمولات فليست عاملة، فإذا كانت معمولات حينئذٍ الأصل تقدم العامل على المعمول، هذا من حيث النظر ومن حيث العمل، كذلك من حيث إمكان النطق وعدمه نقول: لم ينقل عن العرب أنهم بدءوا بضمير متصل بل لا بد أن يكون تابعاً لعامله ولا يبتدأ به في أول الكلام، لا يستقل بنفسه.
وَذُو اتِّصَالٍ: أي المتصل.
مِنْهُ: أي من الضمير ما كان لا يستقل بنفسه وهو الذي لا يصلح لئن يبتدأ به، به هذا لا بد من تقديره.
وَلاَ يَلِي إِلا: يعني: ولا يصلح لئن يلي، أن يتبع أو يقع بعد إلا الاستثنائيه.
اخْتِيَاراً: يعني في ساعة الكلام، وأما في ضرورة الكلام كالشعر ونحوه فحينئذٍ لا بأس من أن يبتدأ بهذا النوع.
أبَدَا: يعني: دائماً وهذا ظرف زمان.
إذاً: الضمير المتصل: هو الذي لا يؤتى به في افتتاح النطق، لا يبتدأ به: أي لا يصلح أن يقع في افتتاح النطق، لا تفتح به الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، والمراد بالنفي هنا: ألا يستقل بنفسه ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، إنما هو من جهة اللغة لا من جهة العقل، لغة لا عقلاً؛ لأنه يمكن أن يقال: ما أكرمت إلاك، العقل لا يمنع هذا: ما أكرمت إلاك، نقول: الكاف هنا وقعت بعد إلا اختياراً يعني: في ساعة الكلام وهذا من جهة العقل لا يمنعه بل يجوزه بل يمكن النطق به.
وأما من جهة اللغة ونقل ما ثبت عن العرب وما جاء في فصيح الكلام لا يوجد هذا النوع من الضمائر مفتتحاً به الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، فيحنئذٍ كل ضمير متصل لا يصح أن يقع في أول الكلام ولا يلي إلا اختياراً.
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالاَ يُبتَدَا ... وَلاَ يَلِي إِلاَّ اخْتِيَاراً أَبَدَا
وَلاَ يَلِي إِلا: (إلا) هذا مفعول به.
وَلاَ يَلِي: يعني: هو، إلا قصد لفظه، قصد لفظه صار مفعول به، يعني: هذا الضمير المتصل لا يمكن أن يقع تالياً وتابعاً لإلا الاستثنائية، فيقال في الأصل: أكرمك، ولا يقع بعد إلا بالاختيار فلا يقال: ما أكرمت إلاك، وقد جاء في الضرورة، ضرورة الشعر كما قال الشاعر:
أَعُوذُ بِرَبِّ الْعَرْشِ مِنْ فِئَةٍ بَغَتْ ... عَلَيَّ فَمَالِي عَوْضُ إِلاّهُ نَاصِرُ
إلا هو: (إلا) تلاها ضمير متصل وهو الهاء.