فإن (ما ومن) لا يقبلان (أل)، لكنهما يقعان موقع إنسان وشيء، وإنسان وشيء كلاهما يقبل (أل)، وكذلك صهٍ ومهٍ بالتنوين، صه ومه، قلنا: صهٍ ومهٍ هذا اسم فعل أمر، نحو: صَهْ وَحَيَّهَلْ، إذا دخل عليه التنوين ما نوع التنوين هنا؟ تنكير، مراده: (صه) سكوتاً معيناً أو مبهماً؟ إذا فسرنا صه بسكوتاً، سكوت هذا يقبل (أل) أو لا؟ يقبل (أل)، وإذا قلت مه، انكفافاً، انكفافاً يقبل (أل) أو لا؟ يقبل (أل)، وثَمَّ علامة أخرى على كونهما نكرتين وهما: تنوين التنكير، تنوين، صهٍ تنوين التنكير، وهو اللاحق لبعض الأسماء المبنية فرقاً بين معرفتها ونكرتها، تنوين التنكير من إضافة الدال إلى المدلول تنوين يدل على أن مدخوله نكرة، إذاً: صهٍ نكرة بالتنوين، ثم هو في موضع (سكوتا)، إذاً: صه وقع في موقع ما يقبل (أل) وهو السكوت، ومه باعتبار التنوين هو نكرة، ثم مهٍ هذا وقع موقع ما يقبل (أل) وهو انكفافاً، الانكفاف، إذاً: هذا واقع موقع ما يقبل (أل).

ومن الواقع موقع قابل (أل): أسماء الفاعلين والمفعولين، فإن (أل) الداخلة عليها موصولة، -لكن باعتبار كونها موصولة نقول: ليست مؤثرة للتعريف، يعني: التعريف هنا إذا قيل: الضارب، جاء زيد الضارب نعت له أو لا؟ نعت له، طيب، (أل) هذه أفادت تعريف؟ لا، إذاً في الأصل هو نكرة- أسماء الفاعلين والمفعولين، فإن (أل) الداخلة عليها موصولة، فإنها واقعة موقع ما يقبل (أل) كإنسان وذات مغاير وذات ثبت لها أو وقع عليها الضرب مثلاً، الضارب هذا واقع موقع ذات وقع منها الضرب، والمضروب واقع موقع ذات وقع عليها الضرب،

إذاً: بالتأويل، -بالنوع الثاني- نقول: يمكن إدخال اسم الفاعل واسم المفعول، وأما بالأول قابل (أل) مؤثراً فلا؛ لأن (أل) المؤثرة هي (أل) المعرفة، و (أل) الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول هذه موصولية وهي ليست من علامة النكرة.

نَكِرَةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا ... أوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا

هذا مما يجعل علامة على كون مدخول اللفظ نكرة.

كذلك من علامات النكرة: رُبَّ، وهذا ضابط جيد مثل (أل) مساو له.

فَكلُّ ما رُبَّ عليهِ تَدخُلُ

نحوُ غُلامٍ وكتابٍ وطَبَقْ ... فإنهُ مُنَكَّرٌ يَا رَجُلُ

وحينئذ نقول: كل مدخول لـ (رُبَّ) فهو نكرة، وسيأتينا: رُبَّه فتية، يعني دخوله على الضمير.

فَكلُّ ما رُبَّ عليهِ تَدخُلُ ... فإنهُ مُنَكَّرٌ يَا رَجُلُ

وبها استدل –برُبَّ- على أن (من وما) قد يقعان نكرتين، يعني مثل ما ذكره الأشموني، لكن استدل بكونهما نكرتين بوجه آخر: أنهما يقعان موقع ما يقبل (أل).

ويمكن أن نستدل على أنهما نكرتان بدخول (رُبَّ) وهي من خواص النكرات، كقوله:

رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظاً قَلْبَهُ ... قَدْ تَمَنَّى ليَ مَوْتاً لَمْ يُطَعْ

رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ: من نقول هذه نكرة أو معرفة؟ إذا جعلنا رُبَّ علامة على كون مدخولها نكرة، رُبَّ من أنضجت يعني: شخص، أنضجت غيضاً صدره، وحينئذ نقول: من هذه نكرة لدخول رُبَّ عليها.

ولنا وجه آخر وهو أن من هنا وقعت موقع ما يقبل (أل) وهو شخص أو إنسان، فحينئذ نستدل بالوجهين.

وكذلك قوله:

رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمرِ ... لهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015