كذلك مدخول (رُبَّ)، رُبَّ رجل كريم لقيته، نقول: هذه كل الألفاظ الحال والتمييز واسم (لا) النافية للجنس ومدخول (رُبَّ) لا تقبل (أل)، وجوابه سهل: أن عدم قبول هذه المذكورات كلها إنما هو بعد التركيب، ليس لذات وجوهر الكلمة، فراكب لوحدها قبل جعلها حالاً تقول: الراكب، وعسلاً تقول: العسل، وكذلك رجل تقول: الرجل، ورُبَّ رجل تقول: الرجل، إذاً: الكلام في ما هو قبل التركيب، ولذلك قلت لك: ميز أولاً أن التعريف والتنكير والباب -البناء والإعراب بينهما فرق- ما هو هذا الفرق؟ فرق جوهري؟؟؟

هذا فرق جوهري مهم، وصف اللفظ بكونه معرفة أو نكرة هذا لا يلتفت إلى التركيب، بل هو الأصل في المفردات، نفس اللفظة الواحدة قبل تركيبها، تحكم عليها هل هي معرفة أو نكرة، وأما الإعراب والبناء هذا لا يتأتى إلا بعد التركيب، ففرق بينهما.

إذاً: راكباً لا يعترض بكونه لا يقبل (أل) في هذا التركيب على كونه ليس بنكرة، فحينئذ نقول: هذه الألفاظ كلها الحال والتمييز يشترط فيها أنها نكرات متى؟ بعد التركيب إذا جعلتها تمييزاً، ولا يحكم على الكلمة بكونها تمييزاً إلا بعد التركيب، ولا يحكم على اللفظة بأنها حال إلا بعد التركيب، ولذلك زيد لوحدها لا تقل: هذا مبتدأ أو خبر، لكن إذا قلت: هذا زيد نقول: زيد هذا خبر، وتقول: هذا ذا اسم إشارة لمفرد مذكر، هل هو مبتدأ أو خبر؟ ما يوصف بكونه مبتدأً ولا خبر، متى يوصف؟ إذا قلت: هذا أخوك، إذاً جعلته مبتدأ، ففرق بين اللفظ قبل التركيب وبعد التركيب، هذا اعتراض بكونه غير جامع.

وقيل: بأنه غير مانع؛ لأن بعض المعارف يقبل (أل)، نحو: يهود ومجوس؛ فإنك تقول: اليهود والمجوس، يهود ومجوس هذا معرفة، ولا شك أنه معرفة، وتقول: اليهود والمجوس قبل (أل).

وبعض المعارف يقع موقع ما يقبل (أل) مثل ضمير الغائب العائد إلى نكرة، لقيت رجلاً فأكرمته، الضمير إذا عاد على معرفة فهو معرفة اتفاقاً، يعني إذا قلت: جاء زيد فأكرمتُه، الضمير هنا يعود على من؟ على زيد، معرفة أو لا؟ معرفة، إذاً الضمير معرفة، وهذا محل وفاق.

لو قلت: جاء رجل فأكرمته، الضمير يعود على ماذا؟ على رجل، إذاً: الضمير هنا مفسر برجل، ورجل نكرة، هل الضمير هنا معرفة أو نكرة؟ قولان للنحاة: قيل معرفة، وقيل نكرة، وقيل بالتفصيل: إن كان واجب التنكير فنكرة، وإن كان جائز التنكير فمعرفة، إن كان واجب التنكير فنكرة مثل ماذا؟ مثل مدخول رُبَّ، رُبَّ رجل كريم لقيته، الضمير يعود إلى رجل الذي هو مدخول رُبَّ، مدخول رُبَّ يشترط فيه أن يكون نكرة فهو واجب التنكير، إذاً: هذا نكرة،

جاء رجل فأكرمته، رجل هذا فاعل، فهل يشترط في الفاعل أن يكون نكرة؟ لا يشترط، إذاً: هذا جائز التنكير، فإذا عاد الضمير على جائز التنكير حكمنا عليه بأنه معرفة على الأصل، وهذا يأتينا في باب الفاعل.

إذاً: اعترض على بعض الألفاظ بأنها معارف وتقبل (أل) كاليهود والمجوس، وبعض المعارف يقع موقع ما يقبل (أل) مثل ضمير الغائب العائد إلى نكرة، لقيتُ رجلاً فأكرمته؛ فإن هذا الضمير واقع موقع رجل ورجل يقبل (أل).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015