وحكم هذا المنقوص أنه يظهر فيه النصب، نحو رأيت القاضي، وقال الله تعالى: ((يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ)) [الأحقاف:31]، ويقدر فيه الرفع والجر لثقلهما على الياء، الضمة الثقيلة وكذلك الكسرة ثقيلة، جاء القاضي، ومررت بالقاضي، وكذلك جاء وَلَوْ أَنَّ وَاشٍ بِاليَمَامَةِ دَارُهُ، الأصل فيما إذا كان منصوباً أن تبقى الياء وينصب، لكن سمع: وَلَوْ أَنَّ وَاشٍ والأصل ولو أن واشياً، لكن هذا يُحفظ ولا يُقاس عليه، يعني: معاملة المنقوص المنكَّر رفعاً وجراً هذا يحفظ ولا يقاس عليه.
ثم قال رحمه الله تعالى:
وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ ... أَوْ وَاوٌ اوْ يَاءٌ فَمُعْتَلاًّ عُرِفْ
وَأَيُّ فِعْلٍ، يعني: مضارع، آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ، قبلها فتحة نحو: يخشى، إذا كان آخره ألف، هو يريد أن يبين الباب الأخير الباب السابع وهو: الفعل المضارع المعتل الآخر في حالة الجزم، قلنا: يلزم بحذف آخره نيابة عن السكون، هذا مراده.
وَأَيُّ فِعْلٍ، أي: مضارع، كان آخر منه ألف قبلها فتحة نحو يخشى، أو واو قبلها ضمة نحو يدعو، أو ياء قبلها كسرة نحو يرمي، فَمُعْتَلاًّ عُرِفْ، عرف معتلاً، يعني: وَسَمِّ مُعْتَلاًّ، إذن المعتل الآخر في اصطلاح النحاة في الفعل: ما كانت لامه واواً أو ياءً أو ألفاً بشرط أن يكون ما قبلها من جنس حركة اللام إن كانت واو فما قبلها يكون مضموماً، وأي فعل كان آخر منه ألف نحو يخشى، أو واو نحو يدعو، أو ياء فمعتلاً عرف.
فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الجَزْمِ ... وَأبْدِ نَصْبَ مَاكَيَدْعُو يَرْمِي
معتل الآخر من الأفعال الضمة تُقدَّر على الجميع، إذا نظرنا إلى الحركات، إذا نظرنا إلى الحركات، فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الجَزْمِ، ما كان مختوماً بالألف كيخشى انوِ فيه الضمة على آخره، وانو فيه الفتحة على آخره، ماذا بقي؟ الجزم، قال: غير الجزم، استثنى الجزم، الأحكام ثلاثة رفع نصب جزم، الكلام في الفعل، انوِ غير الجزم، يعني: الرفع والنصب، فَالأَلِفَ: ما إعراب الألف؟ مفعول به، انوِ فيه هذا من باب الاشتغال، فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الجَزْمِ وهو الرفع والنصب، نحو سعى زيد يسعى، ولم يخشى لتعذر الحركة على الألف، والألف نُصِبَ بفعل مُضمَر يفسِّره الفعل الذي بعده، أي: معنىً لا لفظاً، والتقدير أقصد الألف؛ لأن انوِ فِيِهِ هذا نقول: اشتغل بضمير يعود على الاسم المعمول المشغول عنه، وهذا سيأتي بحثه.
فَالأَلِفَ هذا مفعول به لفعل محذوف وجوباً، يعني: أُقصد الألف، انو فيه، يعني: في الألف، غير الجزم، غير: الأصل فيها أنها نكرة لا تتعرف بإضافتها إلى المعرفة لكن في مثل هذا المقام نقول: اكتسبت التعريف؛ لأن الأحوال ثلاثة: رفع، نصب، جزم، حينئذٍ غير الجزم تعيَّن أن يكون رفعاً ونصباً فهو معرفة.