لِتَرُومِي على مذهب الكوفيين هي ناصبة بنفسها، وعلى مذهب البصريين (أن) مقدرة مضمرة وجوباً بعد لام الجحود مظلمة.
إذاً الأمثلة الخمسة ترفع بثبات النون وتجزم وتنصب بحذفها، قدَّم الحذف للجزم؛ لأنه الأصل، يعني: لماذا قال وحذفها للجزم والنصب سمة؟ قال: لأنه الأصل، أي: الحذف للجزم أصل للحذف للنصب، يعني: هنا حُمِل النصب على الجزم؛ لأن الجزم هو عدم الحركة، وعدم الحرف هذا الأصل فيه، أليس كذلك؟ الأصل في الجزم عدم الحركة، فينوب عنه الحذف، وهنا قدَّم الحذف للجزم؛ لأنه الأصل، أي: الحذف للجزم أصل للحذف للنصب، وإنما كان أصلاً لمناسبة الحذف للسكون الذي هو الأصل في الجزم، ووجه المناسبة كون كلٍ عدم شيء فالسكون عدم حركة، والحذف عدم الحركة.
وأما الحذف للنصب فهو محمول عليه، كما حُمِل النصب على الجر في المثنى والجمع على حده؛ لأن الجزم نظير الجر في الاختصاص وهذا مذهب الجمهور، وذهب بعضهم إلى أن إعراب هذه الأمثلة بحركات مقدَّرة على لام الفعل مَنَع من ظهوره حركة المناسبة، أي: وثبوت النون أو حذفها دليل على ذلك المقدَّر، فالحذف عند الجازم -هذا مذهب سيبويه- أن النون حذفت عند الجازم لا به، ليس به.
كـ (لَمْ تَكُونِي)، هنا نقول: فعل مضارع مجزوم بلم وجزمه سكون مقدر على آخره، والنون هذه قال: حذفت عنده لا به لم يؤثر فيه، لماذا حذف؟ قال: لئلا يلتبس مع المرفوع، فالحذف عند الجازم فرقاً بين صورتي المجزوم والمرفوع لا به، وهذا منسوب لسيبويه، والجازم إنما حذف الحركة المقدَّرة، وكالجازم الناصب، والمراد الحركات وجوداً أو عدماً يدخلها السكون، على كل الجمهور على أن الجازم هو الذي حذف النون، ومذهب سيبويه ما ذكرناه سابقاً.
وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ النُّونَا ... رَفْعاً وَتَدْعِينَ وَتَسْأَلُونَا
وَحَذْفُهَا أي النون للجزم، يعني: للجازم، والنصب، يعني: للناصب، سِمَهْ، أو للجزم كونه علامة الذي هو نوع من الإعراب، والنصب، أي: الذي هو نوع من الإعراب، ثم قال:
وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا ... كالْمُصْطَفى وَالمُرتْقَيِ مَكَارِمَا
لما فرغ من بيان الإعراب الصحيح من النوعين، شرع في بيان إعراب المعتل منهما -الاسم والفعل- منه ما هو صحيح ومنه ما هو معتل، الصحيح يظهر عليه الإعراب، والمعتل لا يكون من قسم المقدَّر.
ولذلك مضى معنا أن الإعراب أثر ظاهر أو مقدَّر، إذاً ظاهر، يعني: يلفظ به ويقدَّر وجوده، أو مُقدَّر بمعنى أنه معدوم، وقلنا هناك: أثرٌ ظاهرٌ أو مقدَّر، ظاهر بمعنى أنه موجود ليشمل السكون والحذف.
وبدأ بالاسم وإن كان في ابتدائه بالاسم فاصل بين النظائر وهي أبواب النيابة ولهذا قدَّم الموضِّح الفعل المعتل، هكذا قال الصبَّان.
وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا ... كالْمُصْطَفى والمُرتْقَيِ مَكَارِمَا