ثُمَّ خَتَمَ بِمَا بَدَأَ بِهِ نَظْمَه، قال: (فَأَحْمَدُ اللهَ) (فَأَحْمَدُ) هذه الفاء هذه للتَّفريع أو عاطفة، و (أَحْمَدُ) فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر، ولفظ الجلالة مفعولٌ به، (مُصَلِّياً عَلَى مُحَمَّدٍ) (مُصَلِّياً) حالٌ من فاعل (أَحْمَدُ)، وسبق معنا الحمد والصلاة، (عَلَى مُحَمَّدٍ) و (مُصَلِّياً) حالٌ مَنويَّة .. حالٌ مُقدَّرة، وُكُلُّ شَيْءٍ بحسبه، يعني: أحمد الله أولاً ثُمَّ أُتْبِعُه بالصَّلاة.
حينئذٍ الأصل في الحال: أن تكون مُقارنة، ومقارنة كل شيءٍ بحسبه، فتبقى على ظاهرها .. هذا الأصل، فإن قلنا فيه إشكال نقول: حالٌ مَنْوِيَّة .. حالٌ مُقدَّرة، يعني: بعد الحمد تأتي الصلاة، (عَلَى مُحَمَّدٍ) - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ - هذا جار ومجرور مُتعلَّق بقوله: (مُصَلِّياً) لأنَّه اسم فاعل، (خَيْرِ) أفضل، بدل أو نعت من (مُحَمَّدٍ)، و (خَيْرِ) مضاف، و (نَبِيٍّ) مضافٌ إليه، و (أُرْسِلاَ) الألف هذه للإطلاق، وهو فعل ماضي مُغيَّر الصِّيغة، ونائب الفاعل ضمير يعود على نَبِيٍّ، والجملة صفة لـ: (نَبِيٍّ) نَبِيٍّ مُرْسَلٍ.
إذاً: حَمِدَ الله تعالى على أنَّه أنهى هذا النَّظم مع الصَّلاة على نبينا مُحَمَّد - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ - ووصفه بهذه الصِّفات المعلومة، والتي سبق وأن أشار إليها في أول النَّظم.
(وَآلِهِ) يعني: على مُحَمَّدٍ وآله، يعني: مصلياً على آله، عرفنا المراد بـ: (آل) أنَّه يجوز إضافته للضَّمير، وقد أضافه هنا إلى الضَّمير، ثُمَّ وصفهم بقوله: (الْغُرِّ الْكِرَامِ الْبَرَرَهْ) (غُرِّ) جمع أغر، وهو نعتٌ لـ: (آلِهِ)، و (الْبَرَرَهْ) جمع بَار، يعني: وَصْفٌ بَعْدَ وَصْفٍ، (وَصَحْبِهَ) يعني: مصليَّاً على مُحَمَّدٍ وَمُصَليَّاً على آله، وهذا بالنَّص ثابت: {اللهم صَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّد}.
(وَصَحْبِهَ) هذا معطوف على (مُحَمَّدْ) الأول، أو على (آلِهِ)، والصَّلاة على الصَّحب كما سبق أنَّها لم يثبت فيها نص إلا أنَّه من باب القياس، ولذلك لا يُسْتَعْمَل مُفْرَدَاً مطلقاً، وإنَّما يكون تابعاً لغيره، (المُنْتَخَبِيْنَ) المختارين جمع: مُنْتَخِبْ، (الخِيَرَهْ) جمع خَيِّرْ (خِيَرَهْ) وهو كذلك بمعنى المختار.
إذاً: كما بدأ هذا النَّظم بالحمد لله -عز وجلَّ-، والصَّلاة والسَّلام على النبي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ -، ختم بما بدأ به.
ونحن كذلك نَخْتِمْ بِمَا بَدَأْنَا به وهو: أن نَحْمَد الله عَزَّ وَجَل على أن مَنَّ علينا بختم هذا الكتاب الطَّيِّب المبارك، الذي جمع فيه النَّاظم دُرَرَ أصول علم النَّحو وكذلك ما ألحقه بالصَّرف.