الرابع: ألا يكونا في وزنٍ مُلحقٍ بغيره، سواءٌ كان الملحق أحد المثلين كـ: قَرْدَد ومَهْدَد، أو غيرهما كـ: هَيْلَل، أو كليهما نحو: اقْعَنْسَس، اقْعَنْسَس السين والسين للإلحاق، فإنها ملحقةٌ بـ: جَعْفَرَ وَدَحْرَجَ وَاحْرَنْجَمَ.

الخامس والسادس والسابع والثامن: ألا يكون في اسم على (فَعَلْ) بفتحتين كـ: طَلَل وَمَدَدْ، أو (فُعُلْ) بِضَمَّتَيْن كـ: ذُلُل وجُدُد جمع جَدِيد، أو (فِعَلْ) بكسر أوله وفتح ثانيه نحو: لِمَمْ وكِلَل، أو (فُعَل) بِضَمِّ أوله وفتح ثانيه نحو: دُرَرْ وجُدَد، جمع جُدَّة، وهي الطريقة في الجبل.

وفي هذه الأنواع السبعة الأخيرة يمتنع الإدغام، التي ذكرها النَّاظم سبعة مواضع يجب فيها الإظهار ولا يجوز الإدغام. والثلاثة الباقية: ألا تكون حركة ثانيهما عارضة نحو: أخْصُصْ أبي، واكْفُفِ الشَّرَّ، نقول: الفاء الثانية حُرِّكَت للتَّخلُّص من التقاء الساكنين فهي حركة عارضة، فلا تدغَم فيها الفاء الأولى.

وألا يكون المثلان ياءين لازماً تحريك ثانيهما نحو: حَيِىَ وَعَيِيَ، ولا تاءين في (افْتَعَلَ) كـ: اسْتَتَر واقْتَتَلَ، وفي هذه الصور الثلاث يجوز الإدغام والفك، قال تعالى: ((وَيَحْيَا مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ)) [الأنفال:42] وجاء: (مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) بالقراءتين، يعني: أدغم وفُكَّ.

فتقول: اسْتَتَرَ واقْتَتَلَ، وإذا أردت الإدغام نقلت حركة الأولى إلى الفاء، وأسقطت الهمزة للاستغناء عنها، (اسْتَتَـ) أسقطت حركة التاء الأولى إلى السين الساكنة، ثُمَّ استغنيت عن الهمزة فصار (سَتَّر). وأسقطت الهمزة للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثُمَّ أدغمتَ، فتقول في الماضي: سَتَّرَ وقَتَّلَ، وفي المضارع: يَسَتِّرُ ويَقَتِّلُ، بفتح أولهما، وفي المصدر: سِتَّارَاً وَقِتَّالاً.

إذاً: أحد عشر شرطاً لِصحَّة الإدغام بالشروط التي سبقت، وكلها مبثوثة في كلام النَّاظم، وَرَتَّبَها ابن هشام رحمه الله تعالى في (التَّوضيح).

ولَمَّا أتى النَّاظم على ما أراد جمعه من علم النَّحو بمعناه العام السَّابق:

مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ ..

وما وعد به في خطبته بقوله:

مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ ..

أخبر بذلك، فقال:

وَمَا بِجَمْعِهِ عُنِيْتُ قَدْ كَمَلْ ... نَظْمَاً عَلَى جُلِّ الْمُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ

أَحْصَى مِنَ الْكَافِيَةِ الْخُلاَصَهْ ... كَمَا اقْتَضَى غِنَىً بِلاَ خَصَاصَهْ

(وَمَا بِجَمْعِهِ عُنِيْتُ) (مَا) مبتدأ اسم موصول بِمعنى: الذي، و (عُنِيْتُ) هكذا مُغيَّر الصِّيغة، وهو لازمٌ، يعني: من الأفعال التي سُمِعَت مُغيَّرة الصيغة مَبْنِيَّةً للمجهول، ولم يُسْمَع لها مبني للمعلوم، يعني: لا يقال (عَنَيْتُ)، وإنَّما يقال: (عُنِيْتُ) فهو مُغيَّر الصِّيغة.

و (بِجَمْعِهِ) جار ومجرور مُتعلَّق بقوله: (عُنِيْتُ)، والجملة لا مَحلَّ لها صلة الموصول، (قَدْ كَمَلْ) (قَدْ) للتَّحقيق (كَمَلَ) وانتهى، هذا خبر (مَا).

نَظْمَاً عَلَى جُلِّ الْمُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015