قال المرادي: وإنما بقي تنوينه مع أن حقه المنع من الصرف للتأنيث والعلمية أي إذا كان علماً لمؤنث؛ لأن تنوينه ليس للصرف بل للمقابلة -أي وتنوين المقابلة يجامع علتي منع الصرف-؛ لأنه كيف يقال بأنه علمٌ لمؤنث اجتمع فيه علتا الصرف ومع ذلك ينون، هل هذا إيراد استدراك أو شيء؟ هذه هندات، نقول هذا علمٌ ومؤنث اجتمع فيه علتان من علل تسع، حينئذٍ الأصل فيه أنه يمنع من الصرف فكيف وجد فيه التنوين؟ نقول هذا التنوين ليس بتنوين صرف وإنما هو تنوين مقابلة، نحو: هذه أذرعاتٌ ورأيت أذرعاتٍ ومررت بأذرعاتٍ، هذا هو المذهب الصحيح، هكذا قال ابن عقيل تبعاً للناظم، الناظم جزم بِأنَّ َالَّذي اسْماً قَدْ جُعِلْ ... كَأذْرِعَاتٍ فِيهِ ذَا أيْضاً قُبِلْ هو اللغة الفصحى فيها، فحينئذٍ يعامل معاملة جمع المؤنث السالم قبل التسمية قبل العلمية، ينصب ويجر بالكسرة مع التنوين، والتنوين هنا مع وجود العلمية والتأنيث لا منافاة بينهما لأنه تنوين مقابلة، وحينئذٍ لا يحذف منه التنوين لِمَا عَلَّلَه المرادي.
لأن المراعاة فيه هنا في حالة الأصلية فقط، يعني المراعاة هنا النظر إلى أذْرِعَاتٍ قبل جعله علماً, وفيه مذهبان أيضاً مشهوران أحدهما: أنه يرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة لكن بدون تنوين، يعني كالسابق، لكن نسلبه التنوين، فيكون بدون تنوين، هذه أذرعاتُ ورأيت أذرعاتِ ومررت بأذرعاتِ -بدون تنوين-، وينصب ويجر بالكسرة ويزال منه التنوين مراعاة للحالة الأصلية، هذا في ما إذا كسر، يكسر باعتبار أصله قبل التسمية، ويُسلب منه التنوين باعتبار حاله الراهنة، يعني لنا نظران فيه: نظر قبل التسمية ونظر بعد التسمية.
قبل التسمية: هو مصروف وهو جمع مؤنث سالم أعطيناه الكسر، ثم نظرنا إليه بعد العلمية فإذا به وجد فيه علتان لمنع الصرف فسلب التنوين، إذاً مراعاةً للحالين، مراعاة للحالة الأصلية، فالكسرة نائبةٌ عن الفتحة في حالة النصب لا في حال الجر، ويزال منه التنوين مراعاة للحالة الراهنة -بعد التسمية- المقتضية منع تنوينه لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن لم يكن تنوينه تنوين صرف؛ لأنا نقول هو تنوين مقابلة ليس بتنوين صرف، والممنوع من الصرف إنما يمنع من تنوين الصرف وهذا ليس بتنوين الصرف، قالوا لشبهه بتنوين الصرف سلبناه، لأنه أشبه تنوين الصرف فحينئذٍ سلب منه التنوين للعلمية والتأنيث المعنوي، وهذا جاء به النطق، لا بأس به، هذه أذرعاتُ رأيت أذرعاتِ ومررت بأذرعاتِ؛ إذاً نصب بالكسرة وسلب منه التنوين، نُصِب بالكسرة بالنظر إلى كونه جمع مؤنث سالم، سلبناه التنوين لوجود علتين -يعني مُنِعَ من الصرف-، كيف مُنِعَ من الصرف وتنوينه ليس بتنوين صرف؟ أشبه تنوين الصرف فسلبوه، يعني من باب القياس.
المذهب الثاني: أنه يرفع وينصب ويجر بالفتحة ويحذف منه التنوين، -يعني إعراب ما لا ينصرف-، هذه أذرعاتُ، رأيت أذرعاتَ، مررت بأذرعاتِ، ينصب ويجر بالفتحة، إذاً عُومِل معاملة ما لا ينصرف، وإذا وُقِف عليه قلبت التاء هاءً، هذا بالنظر إلى أي الحالين؟ بعد التسمية.
إذاً الأنظار ثلاثة بناءً عليها هي التي جاءت المذاهب.