(فَمَفْعُولٌ) مبتدأ، أين خبره؟ (قَمِنْ)، والفاء زائدة هنا، لأنَّ المبتدأ (مَا) ثُمَّ خبر المبتدأ جملة اسْميَّة، (فَمَفْعُولٌ قَمِنْ) .. (مَفْعُولٌ) مبتدأ، و (بِهِ) مُتعلِّق بـ: (قَمِنْ)، و (أَيْضاً) مفعولٌ مطلق والعامل محذوف، و (قَمِنْ) خبر (مَفْعُول) المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في مَحلِّ رفع خبر المبتدأ الأول (مَا)، التي هي (مَا لإِفْعَالٍ).
إذاً: (مَا) مبتدأ خبرها (مَفْعُولٌ قَمِنٌ بِهِ)، يعني: حَرِيٌّ وجديرٌ به، (فَمَفْعُولٌ) ما كان مُعتلَّ العين واواً كانت أو ياءً، ولذلك أتى النَّاظم هنا بمثالين: (نَحْوُ مَبِيْعٍ وَمَصُونٍ)، (نَحْوُ) هذا خبر مبتدأ محذوف .. وذلك نحو، (نَحْوُ) مضاف، و (مَبِيْعٍ) مضافٌ إليه، (وَمَصُونٍ) هذا معطوفٌ عليه.
(وَنَدَرْ تَصْحِيحُ) الفعل (ذِيْ الْوَاوِ) يعني: النُّطق به على الأصل ذلك قليل، ولذلك سُمِع: ثَوْبٌ مَصْوُون، بواوين، الأولى مضمومة، هذا فيه ثقل، وفرس مَقْوُود، هذا كله شاذ .. نادر، يُحْفَظ ولا يُقاس عليه، (ثَوْبٌ مَصْوُون) على وزن (مَفْعُول)، وكذلك (فرسٌ مَقْوُودٌ).
قال الشَّارح: " إذا بُنِي مفعول من الفعل المُعتلِّ العين بالياء أو الواو وجب فيه ما وجب في (إِفْعَالٍ) و (اسْتِفْعَالٍ) من النَّقل والحذف، فتقول في (مَفْعُول) من (باع) و (قال): مَبِيعٌ ومَقُوْل، والأصل: مَبْيُوع وَمَقْوُول، فَنُقِلَت حركة العين إلى السَّاكن قبلها فالتقى ساكنان العين وواو (مَفْعُول)، فَحُذِفَت واو (مَفْعُول) فصار: مَبِيع وَمَقُول ".
إذاً: مَبِيع، أصلها: مَبْيُوع، نُقِلَت حركة الياء فالتقى ساكنان: الياء والواو فَحُذِفَت الواو، ثُمَّ نُقِلَت الضَّمَّة كسرة من أجل أن تصِحَّ العين، وكان حقُّ: مَبِيع، أن يُقَال فيه: مَبُوع، لكن قلبوا الضَّمَّة كسرة لِتَصِحَّ الياء، وندر التَّصحيح فيما عينه واوٌ قالوا: ثَوْبٌ مَصْوُون، والقياس: مَصُون، ولغة تميم: تصحيح ما عينه ياء، ولذلك قال: (وَفِي ذِيْ الْيَا اشْتَهَرْ) في صاحب الياء اشتهَر، ما هو (اشْتَهَرْ)؟ التَّصحيح، إذاً: اشتهار التَّصحيح في صاحب الياء كثير وهو لغة تميم، وأمَّا في تصحيح ذوات الواو فهو نادر .. قليل يُحْفَظ ولا يُقاس عليه.
ولغة تميم: تصحيح ما عينه ياء فيقولون: مَبْيُوع وَمَخْيُوط، ولهذا قال المصنف:
. . . . . . . . . . . . وَنَدَرْ ... تَصْحِيحُ ذِيْ الْوَاوِ وَفِي ذِيْ الْيَا اشْتَهَرْ
وَصَحِّحِ الْمَفْعُولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا ... وَأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
(وَصَحِّحِ الْمَفْعُولَ) (الْمَفْعُولَ) يعني: ما كان على وزن (مَفْعُول)، متى؟ إذا بُنِي من فعلٍ ثُلاثِيٍّ واويِّ اللاَّم، ولذلك قال: (مِنْ نَحْوِ عَدَا) عدا يَعْدُو .. مثل: (عَدَا)، إذا بنيت (مَفْعُولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا) مُعتلَّ اللام بالواو على جهة الخصوص قلت: عَدَا يَعدو، حينئذٍ جاز لك وجهان: التَّصحيح والإعلال، فتقول: مَعْدُوٌّ وَمَعْدِيٍّ، (مَعْدُوٌّ) بالتَّصحيح، (وَمَعْدِيٍّ) بالإعلال .. بالقلب، كما يأتي.