قوله: (وَالْعَيْنُ وَاوٌ) هذا شرطٌ، مفهومه: أنَّ العين لو كانت ياءً ولو دَلَّ على مشاركة أُعِلَّت.
فُهِمَ من قوله: (وَالْعَيْنُ وَاوٌ) أنَّ ما عينه ياءٌ وجب إعلالها، وإن أبان معنى (تَفَاعُل)، ولذلك مَثَّل ابن عقيل هنا: استافوا، أي: تضاربوا بالسِّيوف، (استافوا) أصلها: اسْتَيَفُوا (افْتَعَلُوا)، إذاً: العين وقعت ياءً وَأُعِلَّت، مع كونه دَلَّ على المفاعلة، هذا لم يَتَحقَّق فيه الشَّرط السابق.
إذاً قوله: (وَالْعَيْنُ وَاوٌ) لو كانت العين ياءً ولو أبان معنى (تَفَاعُل) أُعِلَّت العين، لأن الأحوال كم إذا قيل: (افْتَعَلَ)؟ (افْتَعَلَ) إمَّا أن يكون واوي العين، أو يائي العين، هذان قسمان، ثُمَّ كُلٌّ منهما إمَّا أن يَبِين فيه معنى (تَفَاعُل) أو لا، صارت أربعة أقسام.
(افْتَعَلَ) واوي العين أبان (تَفَاعُل) صَحَّت.
(افْتَعَلَ) واوي العين لم (يَبِنْ تَفَاعُل) أُعِلَّت.
(افْتَعَلَ) يائي العين مُطلقاً أبان (تَفَاعُل) أو لا، أُعِلَّت.
وَإِنْ يَبِنْ تَفَاعُلٌ مِنِ افْتَعَلْ ... وَالْعَيْنُ وَاوٌ سَلِمَتْ. . . . .
(سَلِمتْ) هذا جواب الشرط، سلمت الواو أو العين بهذا القيد.
قال الشَّارح: "إذا كان افتعل معتل العين، فَحَقُّه أن تُبْدَل عينه ألفاً نحو: اعتاد وارتاد -على الأصل- لِتَحَرُّكِهَا وانفتاح ما قبلها، فإن أبان (افْتَعَلْ) معنى (تَفَاعَل)، وهو الاشتراك في الفاعلية والمفعولية " لأنَّ (تَفَاعَل) تَقَاتَل زَيْدٌ وَعَمْروٌ، هنا اشتراكٌ في الفاعلية والمفعوليَّة، كما ذكرناه سابقاً: تَضَارَب زَيْدٌ وَعَمْروٌ، (زَيْد) هذا فاعل ومفعول، وعَمْرو فاعل ومفعول، كُلٌّ منهما فاعل ومفعول، إمَّا في الاصطلاح والمعنى، وإمَّا في المعنى فقط.
لذلك قال هنا: " وهو الاشتراك في الفاعليَّة والمفعوليَّة" لا يعني بها الفاعليَّة والمفعوليَّة اصطلاحاً .. ليس هذا مراده، وإنَّما مراده: ما هو أعم، نعم صحيح تقول مثلاً: تضارب زَيْدٌ، (زَيْدٌ) هذا فاعل اصطلاحاً، لَكنَّه ليس هو فاعل التَّضارب لوحده، لا بُدَّ أن يكون زيدٌ مشاركاً له.
إذاً: وهو الاشتراك في الفاعليَّة والمفعوليَّة من جهة المعنى، حُمِلَ عليه بالتصحيح إن كان واوياً. حُمِلَ حُمِلَ عليه، يعني: على (تَفَاعَلَ)، (حُمِلَ عليه) هذه إشارة إلى العِلَّة، لماذا هنا: (افْتَعَلْ وَالْعَيْنُ وَاوٌ سَلِمتْ)؟ لأنَّه حُمِل على (تَفَاعَل)، حُمِل عليه في التصحيح إن كان واوياً نحو: اشْتَوَرُوا، فإن كانت العين ياءً وجب إعلالها، إذاً: فَرَّقوا بين الواوي واليائي، فالواوي وجب تصحيحها، واليائي وجب إعلالها، وإنَّما أُعِلَّت في الواو دون الياء لِثِقَل الواو في المخرج بخلاف الياء، نحو: ابتاعوا .. (ابتاع) أصله: ابْتَوَعُوا، قُلِبَت الواو ألفاً، و (استافوا) .. استيَفُوا: تضاربوا بالسيوف.
وَإِنْ لِحَرْفَيْنِ ذَا الإِعْلاَلُ اسْتُحِقّْ ... صُحِّحَ أَوَّلٌ وَعَكْسٌ قَدْ يَحِقّْ