الثاني: ما شَذَّ فيه التَّصحيح مع استيفاء الشُّروط، يعني: وُجِدَت الشُّروط وصَحَّت الواو، يعني: لم يحصل قلبٌ، كقولهم للسَّنَّور: ضَيْوَن، اسمٌ له، ضَيْوَن كلمة واحدة .. اجتمعت فيها الواو والياء، وسبقت الياء هنا بالسُّكون، والأصل: أن تُقْلَب الواو ياء، ثُمَّ تُدْغَم الياء في الياء، لكن ما حصل هذا، نقول: هذا شاذ، لاستيفاء الشُّروط وانتفاء المشروط، وما هو المشروط؟ قلب الواو ياءً، هذا شاذ يُحْفَظ ولا يقاس عليه.
و (أَيْوَم) (أَفْعَل) كذلك مثل ما سبق: ضَيْوَن، هنا (أَيْوَم) اجتمعت الواو والياء وسبقت الياء هنا بالسُّكون، فلم تُقْلَب ولم تُدْغَم، نقول: هذا شاذٌّ يُحْفَظ ولا يقاس عليه، إذاً: شذوذٌ من حيث القلب والإدغام مع عدم استيفاء الشُّروط، وشذوذٌ بالعكس: استوفيت الشُّروط ولم يحصل القلب.
الثالث: ما شَذَّ فيه إبدال الياء واواً، والقاعدة: إبدال الواو ياء، هنا لا .. قُلِبَت الياء واواً، والأصل: أن تُقْلَب الواو ياء، وَتُدْغَم الياء في الياء، هذا شَذَّ بقلب الياء واواً، عكَسَ القاعدة، نقول: هذا شَاذٌّ يُحْفَظ ولا يُقاس عليه، ولو استوفيت الشُّروط، لأنَّ الأصل: أن تُقْلَب الواو ياءً، لا أن تُقْلَب الياء واواً، فإن قُلِبَت الياء واواً، نقول: هذا شَاذٌّ ولو استوفيت الشُّروط، يُحْفَظ ولا يقاس عليه، عوى الكلب عَوَّةً، أُبْدِلَت الياء واواً، وأُدْغِمَت الواو فيها: عَوَّةً، الأصل: عَيْوَة، فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسُّكون فَقُلِبَت الياء واواً، ثُمَّ أُدْغِمَت الواو في الواو، نقول: هذا شاذٌّ يُحْفَظ ولا يُقَاس عليه.
إذاً قوله: (وَشَذَّ) في كلام النَّاظم دخل تحته ثلاث صور.
قال الشَّارح: "إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، وسبقت إحداهما بالسكون، وكان سكونها أصلياً " لا عارضاً، أُبْدِلَت الواو ياءً، وأدغمت الياء في الياء، وذلك نحو: سيد وميت، والأصل: سَيْوِد (فَيْعِلْ)، وبعضهم يرى أنَّه: سَوْيِد (فَعْيِل) لكن المشهور هو الأول أنَّه (فَيْعِل) لا (فَعْيِل) كذلك: مَيْوِت (فَيْعِل)، وبعضهم يرى أنَّه: مَوْيِت (فَعْيِل)، يعني: هل تَقدَّم الواو والياء على العين أم تَأخرَّت؟ الظَّاهر أنَّه تَقدَّمت (فَيْعِل)، لأنَّ (فَيْعِل) موجود .. (بَيْطَر)، وأمَّا (فَعْيِل) هذا قليل، والحمل عليه لا يسوغ.
فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فَقُلِبَت الواو ياءً، وَأُدْغِمَت الياء في الياء فصار: سيد وميت، فإن كانت الياء والواو في كلمتين لم يُؤَثِّر ذلك: يُعْطِى واقد، اجتمعت الواو والياء لكن في كلمتين، كُلٌّ منهما مُتَّصِلة في الظَّاهر، وكذا إن عرضت الياء أو الواو للسكون كقولك: رُؤية .. رُوْية، وفي (قَوِي) (فَعِل) سَكِّن الواو: قَوْيَ، حينئذٍ اجتمعت واو وياء، وسكنت أولاهما، لا تُقْلَب هنا، لأنَّ السكون هنا عارض، هذا من باب التخفيف ليس أصلياً.
وشذ التصحيح في قولهم: يَوْمٌ .. أيْوُم (أَفْعُل) أيْوُم بِضمِّ الواو، وشَذَّ أيضاً إبدال الياء واواً في قولهم: عَوَى الكلب عَوَّةً، هذا يُعْتَبَر شَاذًّا، يُحْفَظ ولا يقاس عليه.