(قُصْوَى) هذه لغة أهل الحجاز .. نطقوا بـ: (قُصْوَى)، أشار به إلى لغة الحجازيين في (قُصْوَى)، والقياس فيه: قُصِيا، بقلب الواو ياءً، وهذا الشُّذوذ هنا شاذٌّ قياساً قيل: فصيحٌ استعمالاً، هكذا عَبَّر ابن هشام في (الأوضح): شاذٌّ قياساً لكنه فصيحٌ استعمالاً، وهذا سبق التأكيد عليه مراراً بأنَّ الشَّاذ المراد به: ما خالف القواعد، وأمَّا كونه فصيح أو لا قد لا يكون كذلك، قد يكون في القرآن، وحينئذٍ نقول: هو فصيح، إذاً: فصيحٌ استعمالاً ونحكم عليه بكونه شاذًّ، ولا يلزم أن يكون شاذًّا أن يكون قليلاً وليس بفصيح، بل قد يكون فصيحاً ونحكم عليه بالشُّذوذ.
وَكَوْنُ قُصْوَى نَادِرَاً لاَ يَخْفَى ..
أشار به إلى لغة الحجازيين في (قُصْوَى)، والقياس فيه: قُصْيا، بقلب الواو ياءً، لأنَّه من باب: دنيا وعُلْيَا، وبنو تميم يقولون: قُصْيَا، على القياس.
إذاً: تُبْدَل الواو الواقعة لاماً لـ: (فُعْلَى وَصْفَاً) ياءً نحو: دنيا، لأنَّها مأخوذةٌ من: الدُّنو، دنيا على وزن (فُعْلَى) الأصل: دُنْوَا، إذاً: اللام وقعت واواً.
معنى البيت: أنَّ (لاَم فُعْلَى وَصْفَاً) بِضمِّ الفاء إذا كانت واواً أُبْدِلَت ياءً نحو: دُنْيَا وعُلْيَا، فأصلهما: دُنْوَا، واوٌ مفتوحة بعدها ألف: وعُلْوَا، لأنَّهما من الدُّنو والعُلوّ، وإنَّما أُبْدِلَت هنا أيضاً فرقاً بين الاسم والصِّفة .. ليس فيه موجبٌ لفظي، وهذا شأن الصَّرف عموماً، الأصل فيه: السَّماع .. أن يُحْفَظ: ما كان على كذا فَيُقْلَب واواً .. تنطق به واوا، أو ياءً، أو تقلب الواو ياءً، والعلل الغالب فيها أنَّها علل عليلة، ولذلك ليست كالنَّحو، النحو يفترق عن الصرف، الصرف أكثره مسائل تحفظ .. قواعد، وما عداه لا يُعَوَّل عليه.
إذاً: (لاَمُ فُعْلَى وَصْفَاً) بضمِّ الفاء إذا كانت واواً أُبْدِلَت ياءً: دُنْيَا .. دُنْوَا، عُلْيَا .. عُلْوَا، وهذا نقول: مستعملٌ في لسان العرب، قُلِبَت الواو ياءً، (بِالْعَكْسِ) قلنا: هذا مُتعلِّق بمحذوف حال مُقدَّم من فاعل (جَاءَ)، (جَاءَ) فعل ماضي، و (لاَمُ فُعْلَى) فاعل، و (وَصْفَاً) حالٌ.
وَكَوْنُ قُصْوَى نَادِرَاً لاَ يَخْفَى ..
(كَوْنُ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (قُصْوَى) مضافٌ إليه .. من إضافة الكون إلى اسمه، و (نَادِرَاً) هذا خبر الكون، و (لاَ يَخْفَى) خبر المبتدأ، وأشار به إلى لغة الحجازيين، وهو كأنَّهم نطقوا بـ: (قُصْوَى) والقاعدة أنَّه: قُصيا، وبنو تميم نطقوا به على القياس، وليس ثَمَّ عِلَّةٌ أو موجبٌ لفظي يُعَلَّق عليه الحكم، وإنَّما هو السَّماع فحسب، وعَلَّلوه بالفرق بين الاسم والصِّفة.
وشذَّ قول أهل الحجاز: (القُصْوَى)، فإن كانت (فُعْلَى) اسماً سلمت الواو كـ: حُزوى، لأنَّه قَيَّده بقوله: (وَصْفَاً)، إن كان اسماً حينئذٍ بقي على أصله ولم تُعلَّ الواو.
ثُمَّ قال النَّاظم: (فَصْلٌ).
إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا ... وَاتَّصَلاَ وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا
فَيَاءً الْوَاوَ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا ... وَشَذَّ مُعْطىً غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا
هذا الفصل ذكر فيه مسألتين فقط: