وَفُهِمَ من المثال: لزوم التَّاء، لأنَّ (مَقْدُرَة) لا يَتَجَرَّدُ من التاء، فلو كانت التاء عارضةً أُبْدِلَت الضَّمَّة كسرة وسلمت الياء، كما يجب ذلك مع التَّجرُّد نحو: تواني، أصل (تواني): (تَفَاعُلْ) بِضَمِّ النون، حينئذٍ هنا لا بُدَّ من إبقائه، لأنّه على وزن (تَفَاعُل)، مصدر (تواني) أصله: توَانِو، على وزن (تَفَاعُل) لأنَّه نظير: تدارك، فأبدلت الضَّمَّة فيه كسرة، ولم يُبْدِلوا الياء واواً، لأنَّه ليس في الأسماء المُتمكِّنَة ما آخره واوٌ قبلها ضَمَّة، فلو لحقته التاء بقي على إعلاله لعروض التاء نحو: تدَانِيَ.

إذاً: ما كان على وزن (تَفَاعُل) وكانت لامه ياء، قُلِبَت الضَّمَّة كسرة، مثل: تدارُك وتواني، (توانِي) أصله: تَوانِيُ، لئلا تُقْلَب الياء واواً لِضَمِّ ما قبلها، وجب قلب الضَّمَّة كسرة.

والموضع الثالث: أن يبنى من (الرمي) نحو: (سَبُعَان) اسم مكان فتقول: رَمُوَان، لأنَّ الألف والنون لازمتان، لهذا فلم يُحْكم له بحكم المتطرِّف، لأنَّه أَلْزَمُ للكلمة من تاء التأنيث.

إذاً: هذه ثلاثة مواضع يجب فيها قلب الياء واواً: فيما إذا وقعت لام فعلٍ، أو لام فعلٍ من قبل تاء التأنيث، وهذا يكون في الاشتقاق، كما ذكرناه: (مَقْدُرَهْ) لم يُسْمَع، لكن من باب التمارين، أو جاء بـ: رمي، على وزن (سَبُعَان)، فَكُلُّ ما اشتق كذلك، فحينئذٍ إذا وقعت الياء لام الكلمة في هذه الأحوال الثلاثة وجب قلب الياء واواً.

(وَإِنْ تَكُنْ) الياء (عَيْنَاً)، (تَكُنْ) ضمير مستتر يعود على الياء وهو اسمها، (عَيْنَاً) هذا خبر، (لِفُعْلَى وَصْفَاً) (لِفُعْلَى) هذا مُتعلِّق بـ: (تَكُنْ)، (وَصْفَاً) هذا حالٌ من (فُعْلَى)، (فَذَاكَ بِالْوَجْهَيْنِ) (فَذَاكَ) الفاء واقعة في جواب الشَّرط، و (ذَاكَ) مبتدأ، (بِالْوَجْهَيْنِ عَنْهُمْ يُلْفَى) (يُلْفَى) الجملة خبر، و (بِالْوَجْهَيْنِ) مُتعلِّق بقوله: (يُلْفَى)، و (عَنْهُمْ) يعني: عن العرب، كذلك مُتعلِّق بـ: (يُلْفَى).

يعني: إذا كانت الياء المضموم ما قبلها عَيناً لوصفٍ على وزن (فُعْلَى)، لا بُدَّ أن يكون على وزن (فُعْلَى)، وأن تكون الياء عيناً، وأن يكون وصفاً، لو اختلف شرطٌ من هذه الشروط الثلاثة، حينئذٍ ذهبت المسألة.

أن يكون الياء المضموم ما قبلها عَيناً لوصفٍ على وزن (فُعْلَى)، جاز أن تُبْدَل الضَّمَّة كسرة وتصحَّ الياء، يعني مثل: التواني، قُلِبَت الضَّمَّة كسرة وصَحَّت الياء.

وأن تبقى الضَّمَّة وَتُبْدَل الياء واواً لأجل الضَّمَّة، ولذلك مَثَّل هنا بـ: الضِّيقَى، والكيسى، والضُّوْقَى والكوسى، وهما تأنيث: الأضيق والأكيس، (أضيق) تأتي به على وزن (فُعْلَى)، فحينئذٍ إمَّا أن تقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وإمَّا أن تقلب الياء واواً، فإمَّا أن تقول: كيسى أو كوسى، (كيسى) بقلب الضَّمَّة كسرة فصَحَّت الياء، وإمَّا أن تقلب الياء واواً فتبقى الضَّمَّة على ما هي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015