أَحْرُفُ الاِبْدَالِ هَدَأْتَ مُوْطِيَا ..
عدَّ لنا عشرة أو تسعة أحرف، إذاً: لا يجري في جميع الحروف، وعليه نقول: لم يعن النَّاظم هنا بهذا الباب ما يشمل الإدغام، إذ جعل باباً خاصَّاً في آخر المتن يَتعلَّق بالإدغام، وأمَّا له جهة عموم أخرى: وهي كونه شاملاً للإبدال الشائع وغير الشائع، الشائع عند الصرفيين، وغير الشائع الذي يكون محفوظاً في لسان العرب ولم يجر على سَنَنِ قواعد الصَّرفيين.
إذاً: هذا يكون عامَّاً من جهة كونه شائعاً أو غير شائع، والإبدال الشائع أي: عند التَّصريفيين، ولذلك قيَّده هنا ابن عقيل: " التي تُبْدَل من غيرها إبدالاً شائعاً " وأمَّا الإبدال الغير الشائع فهو شاذ كـ: اضْطَجَعَ، هذا شاذ، كذلك: أُصيلان، تصغير: أَصيل، على غير القياس، فيُقال: أُصَيْلان، هذا كله إبدالٌ غير شائعٍ، فهو شاذٌّ يُحْفَظ ولا يُقاس عليه.
والنَّاظم هنا أراد بالإبدال: ما يشمل القلب، حينئذٍ الإبدال عامٌ عند النَّاظم فدخل فيه القلب، والقلب أخص بمطلق الإبدال، لماذا؟ لكون القلب يَختصُّ بثلاثة أحرف وهي حروف العِلَّة، وأمَّا الإبدال فهو أعم، يدخل في حروف العِلَّة وفي غيرها، ولذلك نقول: بينهما العموم والخصوص المطلق.
إذاً: أراد النَّاظم بالإبدال: ما يشمل القلب إذ كُلٌّ منهما تَغْييرٌ في الموضع نفسه بخلاف العِوَض، البدل لا بُدَّ أن يكون في نفس الموضع، والإعلال لا بُدَّ أن يكون في نفس الموضع، وأمَّا العِوَض فلا يُشْترط، بل قد يكون في الموضع نفسه، وقد يكون في غيره، كما هو الشأن في: اسمٍ وابنٍ.
وَيَخْتَصُّ القلب بحروف العِلَّة والهمزة، وزيدت الهمزة - سيأتي أنَّ النَّاظم أدخلها مع حروف العِلَّة - لأنَّها تقارب حروف العِلَّة بكثرة التَّغيير، ولذلك قيل: الهمزة حرفٌ صحيح، وقيل: حرف عِلَّة، وقيل: حرفٌ شبيهٌ بالعِلَّة، ثلاثة أقوال: هل الهمزة حرف عِلَّة أم لا؟ لأنَّها تعامل معاملة الواو والياء والألف، حينئذٍ هل هي حرف عِلَّة أم لا؟ فيها ثلاثة أقوال عند النُّحاة والصرفيين: قيل حرف عِلَّة، وقيل: حرفٌ صحيح، وقيل: شبيهٌ بالعِلَّة، وهو كذلك -أنَّه شبيهٌ بالعِلَّة- لكثرة التَّغيُّرات التي تطرأ عليها.
ولذلك نقول نتيجة ما سبق من البحث: الإعلال هو تغيير حرف العِلَّة للتَّخفيف بقلبه، أو إسكانه، أو حذفه، إذاً: تغيير، ثُمَّ هذا مطلق، تغيير كل حرف؟ لا، تغيير حرف العِلَّة على جهة الخصوص، وأمَّا تغيير غير حرف العِلَّة لا يُسَمَّى: إعلالاً، ولا يُسمَّى: قلباً، وإنَّما يُسَمَّى: إبدالاً.
للتَّخفيف بقلبه أو إسكانه أو حذفه، فأنواع الإعلال ثلاثة: القلب، والإسكان، والحذف، وبقي رابع وهو ما يُسَمَّى بـ: إعلال النَّقل، حينئذٍ نقول: أنواع الإعلال أربعة: إعلالٌ بالإسكان، وإعلالٌ بالقلب، وإعلالٌ بالحذف، وإعلالٌ بالنَّقل .. نقل الحركة، كما سبق معنا في (يقول) قلنا أصلها: يَقْوُل، القاف ساكنة، نُقِلت حركة الواو وهي الضَّمَّة إلى ما قبلها، هذا يُسَمَّى: إعلالاً بالنقل .. بنقل الحركة، وَمَرَّ معنا كثيراً هذا.