وإذا فسرنا الباء بأنها باء السببية أو باء الآلة حينئذٍ لا نحتاج أن نقول: بتاء وألف مزيدتين، لا نحتاج إلى هذا -نزيد لفظ مزيدتين-، لماذا؟ لأن السببية كون الألف والتاء سبباً في حصول الجمعية معناه أن هذه الألف وهذه التاء مزيدتان، فلا نحتاج إلى قيد فالباء سببية والسبب ليس وجود الألف والتاء؛ لأنه إذا قيل أموات، هذه التاء أصلية أم زائدة؟ أصلية؛ لأنه يقال: ميتٌ، فهذه التاء أصلية.
قضاة، هذه الألف أصلية، والتاء زائدة، حينئذٍ قضاة وأموات، هل فُهم الجمع من الألف والتاء فيهما؟ أمواتٌ، هل فُهم الجمع من الألف والتاء؟ الجواب: لا، كذلك قضاة، هل فُهم الجمع من الألف والتاء؟ الجواب: لا، بل فُهم بالصيغة، الصيغة نفسها هي التي دلت على الجمعية، ولذلك لا نحتاج إلى الاحتراز نقول: الألف والتاء المزيدتين احترازاً من الألف في قضاة، والتاء التي في أموات، هذا كله لا نحتاجه، لماذا؟ إذا فسَّرنا الباء بأنها للسببية، هذا الشيء سبب في هذا الشيء، حينئذٍ نقول: هو زائد عنه، فحينئذٍ إذا كان كذلك فُهم أنهما مزيدتان فحصل الاحتراز ضمناً عن نحو: أموات وقضاة.
فالباء سببية والسبب ليس وجود الألف والتاء ولو من غير ملابستهما للكلمة، بل السبب ملابستهما لها -هذا هو السبب- كونها زائدة على هذه الكلمة وأفادت الجمعية بسبب وجود هذه الألف والتاء حينئذٍ نقول: هذا هو الجمع الذي جُمِع بسبب وجود الألف والتاء، الأصل أن يقال: هندٌ، ثم قلت: هنداتٌ، جئت بالألف والتاء -هما مزيدتان- صارت الألف والتاء سبباً في فهم الجمعية من هندات، وإلا الأصل هو: هند لمَّا زيدت عليه الألف والتاء -لم زدت الألف والتاء-؟ لمجرد الملابسة فحسب، أو لقصد إفادة الجمعية؟ الثاني.
إذاً الألف والتاء مزيدتان، فإذا قيل بأن الباء لمجرد الملابسة لا للسببية، حينئذٍ قد يقال: بأنه يُحتاج إلى أن نُضيف (قيد مزيدتين)؛ لأن الملابسة مطلق الاشتمال فحسب، كون الألف والتاء موجودة فيما يدل على جمعٍ، وحينئذٍ نقول: هندات وأصوات وأموات وأبيات وغزاة وقضاة، هذه الكلمات تلبَّس بها ألفٌ وتاء، ثم ما وجه التلبس؟ قد يكون أحدها زائداً كما هو الشأن في قضاة وأصوات، وقد يكونا زائدتين الألف والتاء، وقد يكون سبب الزيادة إفادة الجمعية، حينئذٍ إذا فُسِّرت الباء بالملابسة احتجنا إلى القيد، فنقول: بتاءٍ وألفٍ مزيدتين، احترازاً عن التاء الأصلية في نحو ميتٌ، وأصوات؛ لأن أصلها صوت وميت.
حينئذٍ فُهمت الجمعية من نفس الصيغة لا بسبب الزيادة، كذلك قضاة أصلها قُضَيَة، هذه الألف منقلبة عن ياء، وغزاة هذه الألف منقلبة عن واو، غُزَوَة تحركت الواو وانفتح ما قبله فقلبت ألفاً، حينئذٍ نقول: هذه أصلية، ومتى يُفهم منها الجمعية؟ إذا كانت زائدة، وإذا كان كذلك، حينئذٍ لا ينبغي أن نُفسِّر الباء بأنها للملابسة، بل نقول: هي للسببية فحسب.
وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ، يعني: بسبب باء الآلة، نقول: تفيد زيادة الألف والتاء، فلا حاجة للتقييد بزيادتها.