إذاً: تَطَّرِد زيادة الهمزة إذا وقعت آخراً بعد ألف، وقبل الألف ثلاثة أحرف فصاعداً، يعني: تُسبق تلك الألف بأكثر من أصلين نحو: حمراء، (حمراء) الهمزة هذه وقعت مُتطرِّفَة وهي زائدة، وقد سبقها ألف (حمراء) وقبلها ثلاثة أحرف أصول: الحاء والميم والراء، ومثلها (عِلْبَاء) و (أرْبِعَاء) و (عاشوراء).
وفُهِم من هذا البيت والذي قبله: أنَّ الهمزة لا تَطَّرِد زيادتها وسَطاً ولا آخراً بعد غير الألف، وأمَّا بعد الألف فهي مُطَّرِدة، وفُهِم منه: أنَّه إنْ تَقدَّم على الألف أقل من ثلاثة أحرف حُكم بأصالتها نحو: كساء .. (كِسَاء) همزة قبل ألف .. قبل الألف أصلان، والشرط أن تكون ثلاثة أصول، إذاً (كساء) نحكم على الهمزة بأنَّها أصل، بل هي مبدلة عن واوٍ .. عن أصلٍ، و (رِدَاء) مثلها .. (مَاء) قبل الألف حرفٌ واحدٌ.
إذاً: قوله: (أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ) يعني: ثلاثة فصاعداً، فإن كانا حرفين وهما أصلان حكمنا بالأصالة كـ: كساء ورداء، أو حرف واحد كذلك حكمنا بالأصالة نحو: ماء.
(كَذَاكَ هَمْزٌ) .. (هَمْزٌ) مبدأ، و (كَذَاكَ) خبر، (آخِرٌ) نعت (هَمْز)، (بَعْدَ أَلِفْ) .. (بَعْدَ) مضاف، و (أَلِفْ) مضاف إليه، و (بَعْدَ) منصوب على الظَّرفيَّة مُتعلِّق بِمحذوف نعت ثاني لـ: (هَمْز).
أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ ..
(لَفْظُهَا) مبتدأ، والضمير هنا يعود على الألف .. لفظ الألف (رَدِفْ)، ردف الألف (أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ) يعني: كان رديفاً تابعاً لأكثر من حرفين، يعني: ثلاثة فصاعداً وكلها أصول، فإن ردف حرفين أصلين فهي أصليَّة، أو حرفٍ فهي أصلٌ.
قال الشَّارح: " أي: كذلك يُحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخراً بعد ألفٍ تَقدَّمها أكثر من حرفين، نحو: حمراء وعاشوراء وقاصعاء وأربِعاء، فإنْ تَقدَّم الألف حرفان فالهمزة غير زائدة نحو: كِسَاء ورِداء، فالهمزة في الأول بدلٌ عن واو، وفي الثاني بدلٌ من ياء " (بناء) و (رداء) رداء الهمزة هنا بدلٌ عن ياء، و (كِسَاء) بدلٌ عن واوٍ، والمشهور (بناء).
" وكذلك إذا تَقدَّم على الألف حرفٌ واحد كـ: (ماء) .. (داء) " تَقدَّم الدال فقط، و (ماء) تَقدَّم الميم فقط.
وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ وَفِي ... نَحْوِ غَضَنْفَرٍ أَصَالَةً كُفِي
(وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ) يعني: أن تكون بعد ألفٍ وتَقدَّم عليها أكثر من ثلاثة أصول، يعني: أنَّ النون يُحكم بزيادتها أنْ تكون آخراً بعد ألفٍ، قبل هذه الألف أكثر من حرفين .. ثلاثة حروف فصاعداً، وهو الذي عناه بقوله: (كَالْهَمْزِ) .. لأنه قال: (كَالْهَمْزِ) شَبَّهها بالهمز، وقوله: (فِي الآخِرِ) احترازاً مِمَّا إذا وقعت في الأثناء، لأنه فيما سبق قال:
كَذَاكَ هَمْزٌ آخِرٌ بَعْدَ أَلِفْ ... أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ