كذلك: (مُكْرِم) الكاف والراء والميم أصول وسبقت الميم هنا .. الميم الأولى، (مُكْرِم) على وزن (مُفْعِل)، إذاً: حكمنا على هذه الميم بكونها زائدة.
(ثَلاَثَةً تَأْصِيلُهَا تَحَقَّقَا) يعني: لا شَكَّ فيه .. يعني: مُحقَّقٌ كونها أصلية، وأمَّا إذا لم يكن كذلك فالأمر فيه احتمال، يعني: أنًّ الهمزة والميم متساويتان في أنَّه إذا تأخَّر عنهما ثلاثة أحرفٍ مقطوعٌ بأصالتها حُكم عليهما بالزيادة، لدلالة الاشتقاق في أكثر الصُّور على زيادتهما، يعني: أكثر ما اسْتُقْرِئ من كلام العرب في المفردات: أنَّ الهمزة الميم إذا سبقت ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة، وحُمل عليه ما لم يستقرأ نحو: أفْضَل، الفاء والضاد واللام هذه أصول، وسبقت الهمزة .. أفْعَل تفضيل، حكمنا عليها بكونها زائدة، و (أحمد) و (مكرم) و (منطلق).
وحمل عليه ما سواه نحو: أفْكَل، نقول: الهمزة هذه زائدة لأنَّ الفاء والكاف واللام أصول، إذاً: حكمنا عليها بكونها زائدة، و (مِخْلَف) نحكم عليها بكونها زائدة .. نحكم عليه بكونها زائدة ولو لم تسقط، يعني (مُكْرِم) ممكن تقول: كَرُمَ، سقطت الميم .. حكمنا على الميم بكونها زائدة، لكن (أفْكَل) ليس عندنا (فَكَلَ)، فنحكم على هذه الألف بكونها زائدة لأنَّ الألف إذا وقعت أولاً وتلاها ثلاثة أحرف أصول حكمنا عليها بكونها زائدة، هذا المراد بالحمل هنا.
يعني: لا يُشترط في (أفْكَل) أننا ننزع الهمزة لا .. مثل: أحمد ومكرم ومنطلق، نقول: هناك لو نزعنا الهمزة: أحمد .. حَمِد نقول: محمود، المادة ليس فيها همزة، حينئذٍ كذلك في: مُكْرِم .. أكرم .. يكرم فهو مكرم، إذاً: الميم سقطت.
(أفْكَل) جاءنا (أفْكَل)، هل الألف .. الهمزة هذه زائدة أم أصل؟ نقول: الأكثر في لسان العرب أن تكون الهمزة إذا تبعها ثلاثة أصول أنها زائدة، فنحكم عليها أنها زائدة، ولو لم تسقط في التصاريف، كذلك نحو: مَخْلب.
وفهم من قوله (سَبَقَا): أنهما لا تَطَّرِد زيادتهما في غير الأول .. هذا في الجملة، وفُهِم من قوله (تَأْصِيلُهَا تُحِقِّقَا): أنَّ الثلاثة الأحرف الواقعة بعدهما .. بعد الميم والهمزة، إذا لم تَتَحقَّق أصالتها لم يُحكم بزيادتهما إلا بدليل .. لا بُدَّ من دليل.
إذاً: القاعدة العامة هذه فيما إذا لم تسقط، إذا سقطت في بعض التصاريف لا إشكال فيه .. واضح أنَّ الهمزة زائدة، وأن الميم زائدة، لكن الإشكال فيما إذا لم تسقط حينئذٍ نحكم عليها بالزيادة، فإذا لم يكن ثَمَّ ما بعدها مقطوعٌ بأصالة الحروف الثلاثة، حينئذٍ لا نحكم بزيادتها إلا بدليل إلا بثبت، يعني: اشتقاقها.
لم يحكم بزيادتهما إلا بدليل نحو: أيْدَع، هنا الهمزة هل هي أصلٌ والياء زائدة، أم العكس: الهمزة زائدة والياء أصلٌ؟ هذا مُحتمل، لأنَّه يَحتمل أن تكون الهمزة فيها أصلية، فيكون وزنه (فَيْعَل) .. يحتمل أن تكون الهمزة أصليَّة، (أَيْدَع) الهمزة أصليَّة، فيكون وزنه (فَيْعَل)، إذا كانت الهمزة أصليَّة حكمنا على الياء بكونها زائدة فوزنه (فَيْعَل) نحو: (صَيْرَف)، ويحتمل أن الياء أصلية فيكون وزنه (أَفْعَل).