حينئذٍ إمَّا أن يكون الأول هو الزائد أو الثاني هذا مُحتمل، حينئذٍ لَمَّا احتمل أن يكون أحد المضعَّفَيْن زائداً مع عدم إمكان إسقاطه في بعض التصاريف بل في التصاريف كلها، قالوا: ليس أحدهما أولى بالحكم بالزيادة من الآخر فحكموا عليه بكونه أصلاً.
إذاً: كلُّ ما كان على هذا النوع من وزن (سِمْسِمِ) ولم يسقط فكلها أصول ولو كان مُضعَّفاً، هذا أشبه ما يكون بالاستدراك مِمَّا سبق، لأنَّه قال:
وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلِ ... فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلأَصْلِ
حينئذٍ نقول: إلا الرباعي - (إلا) يستثنى - إلا الرباعي إذا كُرِّرَت فيه فاؤه وعينه ولم يسقط واحدٌ من هذين المكررين في تصريفٍ من التصاريف البَتَّة حكمنا عليها بكونها كلها أصولاً، لماذا؟ لأن أحد هذين المضعَّفَيْن زائد من أجل تكميل الوزن، وأيهما الذي زيد؟ إن قلنا الأول ولم يكن هو جَنَيْنَا عليه، وإن قلنا الثاني ولم يكن هو جَنَيْنَا عليه، ودفعاً لهذا قالوا: إذاً نحكم عليها بكونها كلها أصولاً.
إذاً: إذا كان الرباعي تَكَرَّرَت فاؤه وعينه - انظر! الحكم هنا على السين ليست على الميم -، تَكَرَّرَت فاؤه وعينه ثُم نظرنا الثاني مُكرَّر والأول مثله، أيهما زِيد؟ ليس عندنا ثَبَتْ .. ليس عندنا حجة .. دليل، لو كان عندنا دليل مثل (جَلْبَبَ) قلنا: أصله (جَلَبَ)، إذاً: الباء الأولى أصل والثانية زائدة .. مُكرَّرة قطعاً، فما جَنَيْنَا على الباء الأولى .. حكمنا بأصالتها، أمَّا (سِمْسِمِ) ليس عندنا ثَبَتْ، وإذا لم يكن عندنا دليل بالحكم على الحرف بكونه زائداً فالأصل الأصالة.
وهنا لم يمكن تحديد أيُّ الحرفين هو الزائد، فحكمنا عليها بكونها أصولاً، لأنَّ الثاني إنما زيد أو الأول .. زيد تكميلاً لكونه رباعياً، ليأتي على وزن (فِعْلِل) .. (سِمْسِمِ)، وأمَّا إذا كان كذلك قلنا: هذا أصل.
إذاً: أن نحو (سِمْسِمِ) يُحكم على حروفه كلها بأنها أصول مع كونه مُضعَّف، وسبق:
وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلِ ... فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلأَصْلِ
نقول: هذا استثناء، انتبه!
وأنه رباعي لأن أصالة أحد المضعَّفيْن واجبة .. لا بُدَّ أن يكون واجب، لماذا؟ واحد من السِّينَين لا بُدَّ أن يكون أصلاً، لأنه لا ينقص عن ثلاثة أحرف، لا بُدَّ أن يكون واجباً، لأن عندنا ميمان حكمنا عليهما بأنهما أصلان، إذاً: لا بُدَّ واحد من السينين أصل، لأنه لا يقل عن ثلاثة أحرف، إذاً: أيُّ هذا الذي يكون أصلاً؟ من باب المنَّة نحكم على الحرفين بأنهما أصلان، لأن أصالة أحد المضعَّفيْن واجبة تكميلاً لأقل الأصول لأنَّه رباعي، وليست أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر فحُكِم بأصالتهما معاً.
إذاً ضابط هذا النوع: أنَّه إذا كانت العين والفاء من الرباعي مُضعَّفتين ولم يسقط الحرف .. أحد هذين المضعَّفيْن لم يسقط في تصريفٍ من التصاريف حكمنا على الحروف بكونها أصولاً.
وَاحْكُمْ بِتَأْصِيْلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ... وَنَحْوِهِ. . . . . . . . . . . .
مِمَّا جاء على مثله، يعني: أراد به ضابط، ليست الكلمة هنا وحدها بل لا، كل ما كان على هذا المثال.