إذاً: إذا لم يكن الزائد واحداً من هذه الحروف، لأن ما كان لتكرار فهو زائد، ولذلك الحرف الزائد أعم من الزائد، الزائد قد يكون خاصَّاً بحروف (سألتمونيها) لا لتكرار، وإذا كان لتكرار فهو زائدٌ وزيادة، (زائد) لأنه ليس أصلاً، و (زيادة) أنه أفاد تكرار، ولذلك يُقابَل في الوزن بِمَا ضُوعِف به: إن كان عيناً فعين .. لاماً فلام .. فاءً ففاء.
فإذا لم يكن الزائد من حروف (أمَانٌ وَتَسْهِيل) فهو ضعف أصلٍ كـ: الباء في (جَلْبَبَ)، والدال في (اغْدَوْدَن)، وإن كان منها قد يكون ضِعْفاً نحو: (سَأَّلَ) قطعاً تضعيف، لماذا؟ (سَأَّلَ) على وزن (فَعَّلَ) تضعيف قطعاً، لماذا؟ لأنه من جنس العين، وقلنا: هذا حقيقة التَّضْعِيف: أن يُزاد حرفٌ من جنس الفاء أو العين أو اللام، فإن كان كذلك وهو من حروف (سألتمونيها) حكمنا عليه بكونه تضعيفاً.
وقد يكون غير ضِعْفٍ بل صورته صورة الضِّعْف، ولكن دَلَّ دليلٌ على أنَّه لم يقصد به تضعيف فيقابَل في الوزن بلفظه، نحو: سَمْنَان، (سَمْنَان) هذا اختلف فيه الصرفيون اختلاف طويل .. أخذ صفحات عندهم، (سَمْنَان) هل وزنه: (فَعْلَان) أو (فَعْلَال)؟ قيل: (فَعْلَان) وهذا المرَجَّح، لماذا؟ لأنك لو لم تحكم عليه بأنه زائد، فحكمت عليه بأنه مُضَعَّف لقلت: وزنه (فَعْلَال)، و (فَعْلَال) هذا نادر في لسان العرب، و (فَعْلَان) كثير.
إذاً: حمله على الكثير أولى من حمله على النَّادر، فنقول: (سَمْنَان) النون الثانية هذه هل هي تضعيفٌ للعين أم أنها زائدة؟ نقول: هي زائدة وليست بتضعيف، لأنك لو قلت: تضعيف لقلت: وزنه (فَعْلَال)، حينئذٍ خَرَجْت بهذه اللفظة إلى ما لا نظير له، أو لِمَا قَلَّ نظيره في لسان العرب، حينئذٍ تحكم عليه بأنه زائد.
إذاً: هذا محتمل، صورته صورة التضعيف لأنه مُكرَّر للعين، حينئذٍ لَمَّا كانت صورته صورة التضعيف وقع فيه النِّزَاع بين الصرفيين.
أو قد يكون غير ضعفٍ بل صورته صورة الضِّعْف، ولكن دَلَّ دليل على أنه لم يقصد به تضعيف، وهذا الدليل كون (فَعْلَال) نادراً في لسان العرب، هذا الدليل، الذي جعلنا نحكم بكون (فَعْلَان) النون الثانية هذه للزِّيَادة لا للتضعيف، لأننا لو قلنا بالتضعيف لقلنا وزنه: (فَعْلَال) وهذا نادر، وحمل اللفظ على ما هو شائع كثير أولى من حمله على ما هو نادر، و (فَعْلَان) كثير في لسان العرب، سواءً كان في الأسماء، أو في الصفات كـ: عُثْمَان .. (فَعْلَان) سَكْرَان وحَسَّاَن، على خلافٍ في (حسان) أيضاً.
إذاً: (سَمْنَان) وزنه: (فَعْلَان) لا (فَعْلَال)؛ لأن (فَعْلَال) بناءٌ نادرٌ.
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ مِثْلُ تَا احْتُذِي
ثُم قال:
بِضِمْنِ فِعْلٍ قَابِلِ الأُصُولَ فِي ... وَزْنٍ وَزَائِدٌ بِلَفْظِهِ اكْتُفِي
يعني: يُقابل الأصل بالأصل، والزائد بالزائد، وحينئذٍ كما ذكرنا استُثْنَي من الزائد نوعان لا يُعبَّر عنهما بلفظهما:
- المبدل من تاء الافتعال، وهذا سيذكر في آخر النَّظم ضبطه.