وَعَد يَعِدُ عِدَةً، الواو (وَعَدَ)، (يَعِدُ) سقطت الواو، هل سقوطها هنا دليلٌ على أنَّها ليست أصلاً؟ نقول: لا، هنا سقطت لِعِلَّةٍ تصريفية، وهي ما سبق وقوعها بين عَدوَّتيْهَا، أصلها (يَوْعِد)، إذاً: سقوط الواو هنا ليس لأجل الوزن فحسب، وإنَّما لِعِلَّةٍ تصريفية فهي أصلٌ مع كونها سقطت.
لذلك قال: (وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَمْ) حرف التَّهجِّي، (حَرْفُ) مبتدأ، (إِنْ يَلْزَم) هذا شرطٌ وفعل الشَّرط، (يَلْزَمْ) هو أي: الحرف الكلمة في جميع تصاريفها، ولا يسقط بحالٍ من الأحوال إلا لِعِلَّةٍ تصريفيَّة، (فَأَصْلٌ) الفاء واقعة في جواب الشَّرط، (أَصْلٌ) يعني: فهو أصلٌ، (أَصْلٌ) خبر مبتدأ محذوف، لأن (أَصْلٌ) كلمة واحدة ما تقع جواب الشَّرط، لا بُدَّ أن يكون جملة، إمَّا أن يكون فعل، وإمَّا أن يكون جملة اسْميَّة، هنا وقع خبر مبتدئٍ محذوف، أي: فهو أصلٌ.
(وَالَّذِي لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ) (وَالَّذِي) مبتدأ، (لاَ يَلْزَمُ) هو أيْ: (الَّذِي)، الجملة لا مَحلَّ لها من الإعراب صلة الموصول، (لاَ يَلْزَمُ) فعل مضارع منفي، (الزَّائِدُ) هذا خبر (الَّذِي)، أي: هو الزَّائد .. من باب التأكيد، (وَالَّذِي لاَ يَلْزَمُ) بل يُحْذَف في بعض التَّصاريف فهو الزَّائد .. تحكم عليه بأنَّه زائد، لكن بشرط: ألا يسقط لِعِلَّةٍ تصريفيَّة.
(مِثْلُ تَا احْتُذِي) (احْتُذِي) اقتفي، لأنَّك تقول: حَذَى حَذْوَه، فتَعْلم بسقوط التاء، (احْتُذِي) إذاً: التاء هذه زائدة، لأنَّها ليست موجودة في حذا: حذا حذوه، (احْتُذِي) اتُّبِع .. اقْتُفِي، حينئذٍ نحكم بأن التاء زائدة لسقوطها .. فهي زائدة في (احْتُذِي)، يُقَال (احتذي به) أي: اقتدي به، ويُقال أيضاً (احتذى) أي: انتعل.
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ مِثْلُ تَا احْتُذِي
على ما شرحنا به كلام النَّاظم لا اعتراض عليه، لأنَّ قوله: (وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ) قال ابن هشام: " هذا الحد غير مانعٍ لدخول واو: كوكب " (كوكب) هذه الواو زائدة ولا تسقط بحالٍ من الأحوال: كَوْكَبَ يُكَوْكِبُ كَوْكَبَةً، لا تسقط بحالٍ من الأحوال، إذاً: هي لازمة أو زائدة؟ هي زائدة، ولَكنَّها على جهة التَّقدير، يعني: نحكم بكونها ساقطة في بعض التَّراكيب تقديراً لنخرج هذا النوع.
وكذلك (وَالَّذِي لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ) أورد عليه واو: وَعَدَ .. يَعِدُ، هذه سقطت، حينئذٍ أجبنا بِما ذكرناه، وعبارة الأشْمُونِي مُصَحِّحة لكلام النَّاظم، وأمَّا السَّاقط لِعِلَّةٍ من الأصول كواو: يَعِدُ، فإنَّه مُقدَّر الوجود .. الحرف الأصلي الساقط لِعِلَّة كواو: يَعِد، فإنَّه مُقدَّر الوجود.