لو حَرَّكته بأيِّ واحدٍ من هذه، حينئذٍ إذا حرَّكته بالفتح دخل في باب (فَعَلَ) .. بالكسر دخل في باب (فَعَِل) .. بالضَمِّ دخل في باب (فَعُلَ)، ما الذي يدل على أنَّه من باب (فَعْلَ) بإسكان العين؟ لا يدل، لو حذفته .. نفس الحكم، فقالوا: إذاً لا نُسَكِّن العين البَتَّة لئلا يلتقي ساكنان فَنُحَرِّكه فيخرج عن بابه أو نحذفه كذلك من بابٍ أولى.
وَافْتَحْ وَضُمَّ وَاكْسِرِ الثَّانِيَ مِنْ ... فِعْلٍ ثُلاَثِيٍّ وَزِدْ نَحْوَ ضُمِنْ
(زِدْ) على هذه الأوزان الثلاثة تقول: (فَعَلَ) كـ: خرج، و (فَعِلَ) كـ: فَرِح، و (فَعُلَ) كـ: كَرُم، وَكُلٌّ منها: الأول والثاني يكون مُتعدِّياً ولازماً، إلا أنَّ باب (فَعَلَ) التَّعدي فيه أكثر من اللزوم، التَّعدي كـ: ضَرَبَ، واللزوم كـ: قَعَدَ وَجَلَسَ.
وكذلك (فَعِلَ) يكون مُتَعَدِّيَاً ولازماً إلا أنَّ اللزوم فيه أكثر من التَّعدِّي، مُتَعَدِّي نحو: شَرِب، واللازم نحو: فَرِحَ زَيْدٌ، اللازم فيه أكثر، أمَّا (فَعُل) فهذا لا يكون إلا لازماً نحو: كَرُمَ وَشَرُف، وأمَّا: رَحُبَتْكَ الدَّار ونحو ذلك فهذا كُلُه مُؤَوَّل.
(وَزِدْ نَحْوَ ضُمِنْ) زد على هذه الأوزان الثلاثة، هو أراد أن يُبَيِّن قال: (مِنْ فِعْلٍ ثُلاَثِيٍّ) أراد أن يُبَيِّن الأوزان التي للفعل الماضي المُجرَّد، قال: (زِدْ) يعني: زد هذا البناء الذي على وزن (ضُمِنْ) وهو (فُعِل) كأنَّه قال: لك الثلاثة الأُوَل (افْتَحْ وَضُم وَاكْسِر) إذا أردت بنائها للفاعل، وزد عليها ما كان (نَحْوَ ضُمِنْ) إذا أردت بنائها للمفعول فتقول: (ضُمِنْ) فجعله رابعاً.
حينئذٍ الأوزان أربعة، ولذلك قال ابن عقيل: " وللثلاثي المُجرَّد أربعة أوزان " (فَعَلَ) و (فَعِلَ) و (فَعُلَ) و (فُعِلَ) فَعَدَّه وزناً رابعاً.
أشار بقوله (زِدْ نَحْوَ ضُمِنْ): إلى أنَّ من أبْنِيَة الثلاثي المُجرَّد الأصلية فعلُ ما لم يسمَّ فاعله (نَحْو ضُمِنْ)، فعلى هذا تكون أبنية الثلاثيِّ المُجرَّد أربعة، وإلى كون صيغة ما لم يسمَّ فاعله أصلاً - يعني: أصل لا فرع -، اختلف النُّحاة هل (فُعِلَ) ضُرِبَ وَقُتِلَ، هل هو أصلٌ برأسه أم أنَّه فرعٌ؟
على كلام النَّاظم: أصل وليس بفرع، وهذا مذهب الكوفيين أنَّه أصلٌ برأسه وليس فرعاً، وذهب البصريون إلى أنَّه فرعٌ عن صيغة الفاعل وهذا هو الرَّاجح: أنَّه فرعٌ ليس بأصلٍ، ومذهب البصريين أنَّ فعل الأمر أصلٌ برأسه، وأنَّ القسمة ثلاثية، وذهب الكوفيون إلى أنَّ الأمر مقتطعٌ من المضارع فالقسمة ثُنائية، وعلى الأول بكون الأمر .. صيغة الأمر قسم برأسه حينئذٍ كان لزاماً على النَّاظم أن يذكره إذا ذكر ما لم يسمَّ فاعله، إمَّا أن يذكره مَعْه، وإمَّا أن يسقط الاثنين.
على مذهب البصريين فيما سبق، قلنا: اخْتُلِف في فعل الأمر هل هو قسمٌ برأسه كما هو مذهب البصريين، أم أنَّه فرعٌ عن الفعل المضارع، وينبني عليه أنَّه معرب عند الكوفيين، وأنَّه مبني عند البصريين؟ قلنا الصواب: أنَّه قسمٌ برأسه وأنَّه مبني على الأصل.