ثانياً: أُجِيب أنَّه من تداخل اللغتين، وتداخل اللغتين هذه فكرة صرفية، من تداخل اللغتين في جزئي الكلمة فيما إذا كان له عدَّة أوزان مثل باب: فَضِلَ .. يَفْضُل هناك، لأنَّه يُقال: (حُبُكْ) و (حِبِكْ) لغتان مسموعتان، (حُبُكْ) .. (فُعْل) مسموع أو لا؟ مسموع والوزن مقبول، و (حِبِك) مسموع والوزن مقبول، لكن (حِبُك) انتقالٌ من كسرٍ إلى ضَمّْ، قيل: تداخلت اللغتان على القارئ، يعني: أخطأ .. أراد أن يقول: (حِبِك) فقال: (حِ) ثُمَّ انتقل إلى اللغة الأخرى وقال: (حِبُـ) هذا يُسمَّى تداخل اللغتين، وهي أشبه ما تكون بخرافة صرفية.

إذاً: (حِبُك) إن صحَّ فهو من تداخل اللغتين، لأنَّه سُمِع (حِبِك) و (حُبُك) هو جمع بين اللغتين، هذه هجين .. ليست بلغة حُرَّة.

وقيل: أن يكون بكسر الحاء إتباعاً لكسرة تاء (ذَاتِ)، ((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ)) [الذاريات:7] قال: (الْحِبُكْ) أصلها: (الْحُبُكِ) ولكنَّه أتبع الحاء لكسرة التاء، وهذا ابن مالك يقول: أجود، هو أحسن يعني، العقل يقبل .. ليس مثل ذاك، إتباعاً لكسرة تاء (ذات)، ولم يَعْتَدَّ باللام السَّاكنة لأن السَّاكن حاجز غير؟؟؟، فإذا قيل بأنَّه لم يسمع (حِبُكْ) هذه قراءة لم تثبت، انتهينا منها.

إذاً:

وَفِعُلٌ أُهْمِلَ وَالْعَكْسُ يَقِلّ ... لِقَصْدِهِم تَخْصِيصَ فِعْلٍ بِفُعِلْ

قال الشَّارح: " يعني أن من الأبنية الاثني عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل " إذاً: المستعمل بكثرة عشرة، وواحدٌ مهمل (فِعُلْ)، والآخر قليل وهو (فُعِل)، والثاني قليل لأنَّه سُحِب من وزن الأسماء فصار إلى وزن الأفعال، لأنَّه قال: (لِقَصْدِهِم) يعني: العرب (تَخْصِيصَ فِعْلٍ) (فِعْل) إذاً ليس من الأسماء .. خرج من الأسماء إلى الأفعال، (بِفُعِلْ) فيما لم يُسَمَّى فاعله.

فالأول وهو المهمل ما كان على وزن (فِعُل) بكسر الأول وَضَمِّ الثاني وهذا بناءً من المصنِّف على عدم إثبات: حِبُكْ، وهو الصحيح.

والثاني ما كان على وزن (فُعِل) بِضَمِّ الأول وكسر الثاني كـ: دُئِلْ، وإنَّما قَلَّ ذلك في الأسماء لأنهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يُسَمَّ فاعله كـ: ضُرِب وَقُتِل.

وَافْتَحْ وَضُمَّ وَاكْسِرِ الثَّانِيَ مِنْ ... فِعْلٍ ثُلاَثِيٍّ وَزِدْ نَحْوَ ضُمِنْ

وَمُنْتَهَاهُ أَرْبَعٌ إِنْ جُرِّدَا ... وَإِنْ يُزَدْ فِيهِ فَمَا سِتَّاً عَدَا

(وَافْتَحْ وَضُمَّ وَاكْسِرِ) هذا انتقال من النَّاظم إلى بيان أوزان الفعل، والفعل كالاسم مُجَرَّد ومزيد، (مُجَرَّد) يعني: ما كانت حروفه كلها أصول، وهذا نوعان: ثلاثي ورباعي، ولا يوجد في الأفعال خُمَاسِيٌّ مُجرَّد.

(وَافْتَحْ وَضُمَّ وَاكْسِرِ الثَّانِي) (الثَّانِي) هذا تنازعت فيه الأفعال الثلاثة: افْتَحْ الثَّانِي .. ضُمَّ الثَّانِي .. اكْسِر الثَّانِي، و (الثَّانِي) مفعولٌ لقوله: (اكْسِر)، ونُقدِّر لقوله: (افْتَحْ وَضُمّ) كُلٌّ منهما له مفعولٌ مُقدَّر، (وَاكْسِرِ الثَّانِي) بدأ بالثاني، لم يتعرض لبيان حركة فاء الفعل، فَفُهِم أنَّها غير مختلفة، لأنَّ مراده بقوله: (وَافْتَحْ وَضُمَّ وَاكْسِرِ) هذا تغيير اختلاف، محله ثاني الفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015